يشكّل مشروع إنشاء "مدينة الكويرة الجديدة" خطوة طموحة ضمن رؤية المغرب لتحفيز التنمية في الأقاليم الجنوبية، حيث تهدف الشراكة المغربية-الفرنسية إلى تحويل هذه المنطقة إلى مركز اقتصادي واستراتيجي يعزز من جاذبيتها الاستثمارية. تقع الكويرة في أقصى الجنوب، وتمتاز بموقع استراتيجي بين المحيط الأطلسي والصحراء، مما يمنحها إمكانيات واعدة لتصبح منطقة جذب سياحي وتجاري. يأتي مشروع المدينةالجديدة كجزء من استراتيجية المغرب لتعزيز سيادته على الصحراء المغربية وتطويرها اقتصادياً. وقد دعم المغرب هذه الاستراتيجية عبر خطوات ملموسة كإنشاء ميناء الداخلة الأطلسي، الذي سيوفر بنية تحتية متقدمة تربط الأقاليم الجنوبية بالأسواق الإفريقية والأوروبية، ويعزز التجارة العابرة للحدود. علاوة على ذلك، يمكن أن تصبح الكويرة مركزاً لوجستياً يسهم في تسهيل نقل السلع والخدمات بين شمال إفريقيا ودول الساحل الإفريقي، مما يدعم مكانة المغرب كجسر اقتصادي بين القارتين يركز المشروع على تطوير قطاعات مثل الطاقات المتجددة، إذ تتمتع المنطقة بمصادر غنية للطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والتي ستكون محورية لتزويد المدينة بالطاقة النظيفة، بالإضافة إلى مشاريع لتوفير المياه من خلال تقنيات تحلية المياه المتقدمة. كما يتم التخطيط لإنشاء مرافق سياحية تجذب الزوار من خلال مناظرها الطبيعية المتنوعة التي تجمع بين الشواطئ والصحراء. يمثل هذا المشروع أيضاً رسالة واضحة لدعم الاستقرار في المنطقة، حيث يعتبر تطوير البنية التحتية وتحسين الظروف الاقتصادية حلاً لمكافحة التوترات في المنطقة، ويشكل نموذجاً لتنمية مستدامة قد يكون له تأثير إيجابي على الاستقرار الإقليمي. ومع ذلك، تواجه هذه الخطط تحديات سياسية وإقليمية، خاصة مع بعض التحفظات في موريتانيا، التي قد تنظر إلى نمو الكويرة كمنافس اقتصادي لمدينة نواذيبو الموريتانية المجاورة . يعد مشروع "مدينة الكويرة الجديدة" علامة فارقة في العلاقات المغربية-الفرنسية، حيث يتجاوز التعاون فيه الأبعاد الدبلوماسية التقليدية ليصل إلى شراكة اقتصادية تمتد إلى جنوب المغرب. إن نجاح هذا المشروع سيشكل نقطة تحول للكويرة، لتصبح من "مدينة مهجورة" إلى "مدينة مزدهرة"، مما يعزز استقرار المنطقة ويخلق فرص عمل.