ما بدر عن اللاعب حسين الشحات تجاه اللاعب المغربي محمد الشيبي ليس جديدا في تاريخ النادي الأهلي المصري، ولاعبيه وأطره التقنية وجماهيره. لنكن صرحاء لقد كان هذا الفريق دائما متعاليا ومتكبرا لا يقبل الهزيمة بدعوى الرغبة في الجامحة في الانتصار، لكنه يصرّف هذه الرغبة بأي شكل من الأشكال حتى ولو كان ذلك على حساب الروح الرياضية وقوانين كرة القدم. والتصرف المخزي الذي نقلته كاميرات العالم يُظهر جانبا من هذه العقلية التي تتحكم في هذا النادي، وتتيح له أن يخرق القوانين ويعتدي على الأعراف في الدوري المصري على الخصوص دون أن يتعرّض لأيّ عقوبة أو تنبيه أو تحذير. لو لم تكن شبكات التواصل الاجتماعي قد تداولت لقطة الاعتداء على نطاق واسع لمرّ موضوع الشحات مرور الكرام، ولما كلّف لا النادي الأهلي ولا الاتحاد المصري نفسهما عناء النظر في هذه الواقعة. لكن المغرض أكثر في هذا الموضوع هو هذا الانحياز المقيت الذي يعبّر عنه عدد من المحللين والصحافيين والإعلاميين الرياضيين المصريين، الذين لا يستطيعون التمييز بين ما تفرضه عليهم قواعد الممارسة المهنية من حياد وتجرّد وبين انتمائهم وحبّهم للنادي الأهلي، ومقاربة كل ما يتعلق به بمنطق "أنصر أخاك ظالما أو مظلوما". طبعا النصر بالمعنى الحرفي لهذا النص الذي يُفترض أن يكون نصر الأخ فيه بتقويم سلوكه ونصحه وإرشاده. لقد سمعت الإعلامي الرياضي الفارّ من مصر اللاجئ في قطر علاء صادق يتكلم بلغة حقد وكراهية بالغين ضد اللاعب المغربي محمد الشيبي، ويزكّي السلوك العنيف للاعب حسين الشحات، بل يطالب بإسقاط العقوبة على الشيبي ويعتبر سلوك مواطنه بطولة لا نظير لها. هذا الصنف من الإعلاميين الرياضيين المتعصبين يملأ للأسف فضاء الإعلام الرياضي في مصر الشقيقة، ولا يسمح بتاتا بأيّ إمكانية لتجاوز الفساد والانحراف الذي ينخر كرة القدم المصرية، ويجعل دولة بأكملها، بمؤسساتها وإعلامها ونخبها، تركض وراء هذا النادي، وتبحث عن أيّ طريقة لتمكينه من تحقيق الألقاب والفوز بالبطولات والاستمرار في الريادة التي ليست دائما مستحقة، بل في كثير من الأحيان تكون بدعم من الاتحاد المصري لكرة القدم ومساعدة الحكام وضغط الإعلام. هذه المهزلة يجب أن تتوقف خاصة عندما يتعلق الأمر بالمواجهات التي تكون مع المنتخبات أو الأندية المغربية، أو بمشاركة لاعبين مغاربة محترفين في الدوري المصري. لم يعد من المقبول بتاتا السكوت على ممارسات هذه الآلية الفاسدة، والسماح لهذا النوع من الإعلام بالاستمرار في هرطقاته وتحيّزه المرفوض بشكل لا يرقى بتاتا إلى مستوى العلاقات التاريخية التي تربط بين بلدين مثل المغرب ومصر. النادي الأهلي يجب أن يُعامل بعدل مثل باقي الأندية الأخرى، المصرية أو العربية، وأن تنتهي أسطورة نادي القرن نهاية سعيدة، ألا وهي العودة إلى احترام القوانين وإعطاء الأولوية للروح الرياضية والأخلاق العالية، والخروج من دائرة التعصب التي لم يسلم منها للأسف غالبية المصريين. ولهذا يتعيّن على الإعلام الرياضي المغربي أن يقدم للإعلام الرياضي المصري الدرس المهني اللازم، في أزمة كهذه، لكي يتبين الفرق بين الإعلاميين الحقيقيين وبين الإعلاميين المقنعين، الذين ليسوا في الأصل سوى مشجعين متعصبين للنادي الأهلي، ومستعدين تماما للدوس على كل ما تمليه أعراف مهنة الإعلام وقواعدها وشروطها لأجل عيون "نادي القرن" الذي يقدم باستمرار لاعبين من نماذج حسين الشحات، الرجل الذي تملأ علامة الصلاة منتصف جبهته، لكنه لا يتردد في سبّ الدين على الملأ وعلى مرأى ومسمع من الكاميرات، ويهين لاعبا مغتربا بالطريقة التي رأيناها، لا لشيء، سوى لأنه لم يستطع تجرّع طعم الهزيمة.