تزامنا مع حلول فاتح ماي، الذي تخلد خلاله الطبقة الشغيلة عيدها العمالي، أجرى مركز الحوار العمومي والدراسات المعاصرة، دراسة بعنوان "شعار الدولة الاجتماعية في الميزان، قراءة في حصيلة السنة الأولى (أبريل 2022-أبريل 2023)". وأفاد محمد طارق أستاذ القانون بكلية المحمدية، والذي أشرف على الدراسة بأن "الحكومة أفلحت في إقناع الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين بالتوقيع على ميثاق للحوار الاجتماعي، كما أكد حرصها على احترام دورية انعقاد جولات الحوار الاجتماعي، وتنظيمها في شتنبر 2022 وأبريل 2023". ونوه محمد طارق بنجاح حكومة عزيز أخنوش، في تخصيص برمجة مالية لتنزيل مخرجات الحوار الاجتماعي في قانون المالية للسنة المالية 2023، بغلاف مالي يناهز 9 مليار درهم. موزعة بين، 1.7 مليار درهم لفائدة أطر وزارة التربية الوطنية، و1.5 مليار درهم لفائدة الأطر الصحية، و600 مليون درهم لفائدة هيئة الأساتذة الباحثين، و255 مليون درهم لرفع الحد الأدنى من الأجر في القطاع العام. واسترسل قائلا إن البرمجة المالية شملت أيضا، حذف السلم 7 بالنسبة للموظفين المنتمين لهيئة الإداريين والمساعدين التقنيين، 170 مليون درهم لرفع حصيص الترقي في الدرجة 36%، رفع نسبة الخصم الجزافي المطبق على المعاشات والإيرادات من 60% إلى %470، ورصد ما يناهز 4 ملايير درهم للرفع من الأجور والتعويضات في قطاع الصحة والتعليم العالي، علاوة على تخفيف العبء الضريبي على الأجراء والمتقاعدين من الطبقة المتوسطة، والذي سيكلف 2.4 مليار درهم. وأبرز المتحدث ذاته، أن توقيع الحكومة مع شركائها الاجتماعيين والاقتصاديين على محضر الاتفاق الاجتماعي في أبريل 2022، والميثاق الوطني لمأسسة الحوار الاجتماعي، "يعتبر خطوة في أفق التأسيس لنموذج مغربي من الحوار الاجتماعي، على أرضية مرتكزات مؤطرة ومبادئ موجهة وبرؤية واختيارات واضحة في الجوانب المتعلقة بالآليات والمستويات والمنهجية، مع الحرص على تأمين انتظامية الحوار وفق دورية مضبوطة، وإرساء آليات لتصريف مخرجات الاتفاقات". على صعيد آخر، تتزامن استعدادات المركزيات النقابية لتنظيم مسيراتها الاحتفالية بحلول فاتح ماي، مع تحسن الظرفية مقارنة بما كانت عليه قبل أسابيع، في ظل تراجع أسعار المواد الغذائية، وخصوصا الخضر منذ شهر رمضان. من جانبها مكنت الإجراءات التي نفذتها الحكومة لتعزيز مراقبة السوق الوطنية، والسهر على ضمان تموين مستمر لها بالمنتجات الغذائية ومحاربة المضاربين، من وقف ارتفاع الأسعار عند الاستهلاك، حماية لقفة الأسرة المغربية. كما شهدت نسبة التضخم تراجعا في مارس 2023 ناهز 8.2%، مقارنة بشهر فبراير 2023 تم خلاله تسجيل نسبة تضخم بلغت 10.1%. وبالرغم من ضبابية المشهد المالي والاقتصادي دوليا، أكدت الحكومة مجددا التزامها بتنزيل مخرجات الحوار الاجتماعي، استجابة لانشغالات الطبقة الشغيلة والمركزيات النقابية. وذلك في ظل رهانها على مأسسة الحوار الاجتماعي، الذي قامت برفعه إلى مرتبة الخيار الاستراتيجي، تفعيلا للرؤية الملكية السامية، ووفاء منها بالالتزامات الاجتماعية الواردة في البرنامج الحكومي. فقبل نحو أسبوعين، عقد رئيس الحكومة عزيز أخنوش، سلسلة لقاءات في إطار جولة أبريل من الحوار الاجتماعي، مع عدد من شركاء الحكومة الاجتماعيين والاقتصاديين، تطرقت إلى الآليات الكفيلة بتحسين القدرة الشرائية للمواطنين والاستجابة لتطلعات الطبقة العاملة، إضافة إلى حرص الحكومة على إخراج مجموعة التشريعات المهمة، منها مدونة الشغل وقانون الإضراب. كما تمخض عن هذه اللقاءات، وفق بلاغات رسمية، اتفاق بين الحكومة والمركزيات النقابية والاتحاد العام لمقاولات المغرب، على مواصلة العمل والتفكير المشترك، داخل لجنة مشتركة لتدارس كل ما من شأنه أن يحسن القدرة الشرائية للمواطنين في أفق الإعداد لمشروع قانون المالية 2024، وذلك في إطار مقاربة تروم تكريس حوار اجتماعي مستدام، يحقق السلم الاجتماعي ويساهم في تعزيز النشاط الاقتصادي.