لم تتأخر دول الاتحاد الإفريقي كثيرا حتى أردفت صفعة جديدة للقوة الحاقدة الحاكمة في الجزائر بُعيد ايام قليلة فقط من صفعة إسبانية بقرار يحث رجال الأعمال الإسبان على مغادرة السوق الجزائرية والبحث عن أسواق بديلة. هذه المرة وعلى هامش اجتماع المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي رفض مندوبو الدول الإفريقية اعتماد مشروع "الاستراتيجية والإطار السياسي لشراكات دول الاتحاد الأفريقي"، الذي يهدف ظاهريا إلى فتح المجال أمام مشاركة واسعة في جميع المؤتمرات والقمم التي تتعلق بشراكات الاتحاد. يبدو العنوان رنانا وإنسانيا جدا لكنه كان ينطوي على مكيدة جزائرية جديدة هدفها مرة أخرى تغذية أطروحة الانفصال في الصحراء المغربية ونفخ الروح في دويلة الوهم المزعومة. هذا المشروع الذي كانت تقف خلفه الجزائر وحليفتها جنوب إفريقيا كان يستهدف في واقع الأمر مأسسة إشراك بعض الكيانات، ومن بينها جبهة البوليساريو الانفصالية في الشراكات الدولية التي ينسجها الاتحاد الأفريقي، وبالتالي فتح باب جديد يعود منه الكيان الوهمي إلى الظهور بشكل طبيعي في المحفل الإفريقي، مع تمكينه أساسا من عقد شراكات مع الدول الإفريقية والغربية ومن ثمة تمهيد الطريق نحو الحصول على اعترافات بالجمهورية الوهمية بدعم من الجزائر وتمويل منها. وقد جاءت هذه المناورة اليائسة مع اشتداد الخناق أكثر فأكثر على جبهة البوليساريو داخل الاتحاد الإفريقي، وقرب اكتمال مبادرة تشارك فيها العديد من العواصم الإفريقية بهدف طرد هذا الكيان المفتعل من منظمة الاتحاد الإفريقي. ويكثّف الكابرانات في الآونة الأخيرة من المناورات والمبادرات الشبيهة في كل المحافل الإفريقية والعربية والدولية والهادفة بالأساس إلى معاكسة الوحدة الترابية للمغرب، ومضايقة سيادته وحضوره الدبلوماسي من خلال اختلاق سياقات وذرائع لاستقدام الانفصاليين ووضع بعض ممثليهم في واجهة هذه اللقاءات الدولية أمام الكاميرات من أجل استدامة نزاع يحتضر وقضية لم يكن لها ولم يعد أصل ولا جذور. فممثل ميليشيا البوليساريو في الاتحاد الإفريقي أضحى يستشعر الرفض والنبذ الذي يواجِهُهُ به الكثير من مندوبي الدول الإفريقية، التي فتحت الكثير منها قنصليات تمثيلية في الأقاليم الجنوبية، وسحبت بعضها أيضا اعترافها بالجمهورية المزعومة. وتكشف هذه المبادرة الخبيثة الجديدة من نظام الكابرانات أن القوة الحاقدة على المغرب وعلى سيادته لا توفّر أي جهد دبلوماسي أو مالي أو عسكري من أجل تنفيذ مخططها الذي تعمل عليه منذ أكثر من أربعين عاما صرفت خلالها مليارات الدولارات من أموال ومقدرات الجزائريين على تسليح البوليساريو ودعمها دبلوماسيا بتمويل اللوبيات الخارجية ورشوة العديد من الأنظمة السياسية الفاسدة لمناصرة قضية ولدت ميتة. كما يُظهر هذا الفشل الجديد أن النفوذ الذي كانت تتمتع به القوة الهاربة بسبب فوائض البترودولار في الماضي، لم يعد مضمونا حتى في زمن البحبوحة الحالية، نظرا للقوة الدبلوماسية التي يتمتع بها المغرب اليوم ويقظة مصالحه الخارجية التي أصبحت خبيرة في قراءة وتحليل عقلية الكابرانات وسلوكاتهم الإقليمية والدولية. وتؤكد هذه المناورة الجديدة أيضا أن دار لقمان على حالها، وأن العصابة العسكرية الحاكمة في الجزائر غير مستعدة للتراجع عن ثوابتها القائمة على معاداة المغرب والسعي الحثيث لتقسيمه وتشتيت وحدته الترابية. كما أنها تبيّن حالة الهوَس المرضي الذي يخترق قيادة هذا النظام هذه الأيام، ويجعلها تفتح معارك وجبهات متنوعة وعلى كل الأصعدة ضد كل ما يمت إلى المغرب ووحدته بصلة. من توظيف الرياضة وكرة القدم إلى شحن وتعبئة وسائل الإعلام مرورا بتجييش مؤسسات غربية كالبرلمان الأوربي ووصولا إلى ساحة الاتحاد الإفريقي التي لم تعد تقبل بتاتا هذا التوظيف والاستغلال الفجّ لها في نزاع مفتعل طال أكثر من اللازم.