باشتراطها سفر المنتخب الوطني المغربي عبر الخطوط الجوية التونسية تكون السلطات الجزائرية قد أكدت بالملموس وأمام العالم أنها لا ترغب في مشاركة أسود الأطلس بمنافسات كأس إفريقيا للمحليين التي ستنطلق ابتداء من يوم 13 يناير الجاري، وأثبتت بما لا يدع مجالا للشك أنها مصرّة على توظيف كرة القدم وبطولة "الشان" على الخصوص توظيفا سياسيا خالصا، لإثبات زعامة وهمية ومكانة كرتونية لا تعتمد أساسا على الندّية واحترام الآخر وأولوية حسن الجوار وإنما على محاولة دائمة لإرضاء غرور تاريخي وأحقاد دفينة ضد المغرب وضد كل ما يمثّله. الكابرانات يخافون من أن يصل المغرب إلى الأراضي الجزائرية بكل مظاهر سيادته بدء بالخطوط الجوية الملكية مرورا بالراية الوطنية وصولا إلى النشيد الوطني الذي سيعزف في ملعب قسنطينة. إنهم ببساطة يكرهون سماع نغمات النشيد الوطني تعزف في ملعب قسنطينة في الوقت الذي سيواجه فيه المنتخب الوطني المغربي للمحليين خصومه من المنتخبات الإفريقية الأخرى. لم يعد الكابرانات يطيقون رؤية الراية المغربية ترفرف في سماء الانتصارات والإنجازات بعد الصدمة التي تلقّوها بمرارة في مونديال قطر 2022 الذي لم يشارك فيه المنتخب الجزائري بينما حقق فيه أسود الأطلس إنجازا إفريقيا وعربيا تاريخيا لم يبلغه أي منتخب من قبل. هذه هي المخاوف الحقيقية التي تقف وراء تعنّت الكابرانات وإصرارهم على رفض الطلب المغربي البسيط والمتوافق مع مقتضيات دفاتر التحمّلات التي تفرضها لوائح الاتحاد الإفريقي لكرة القدم. ماذا لو شارك المنتخب الوطني لكرة القدم في بطولة كأس أمم إفريقيا للمحليين وانتزع اللقب من قلب الجزائر؟ هل تعتقدون أن نظام الكابرانات وآلته الإعلامية المجنونة ستتقبّل هذا الإنجاز؟ إن ذلك سيمثّل لا محالة صدمة حقيقية للمنظمين الذين يراهنون على هذه البطولة المغمورة من أجل تقديم صورة إيجابية عن كرة القدم الجزائرية وعن القدرات التنظيمية لبلد لا يزال يبيع تذاكر المباريات بالطوابير ويستقبل المنتخبات الوافدة على البلاد بطبل ومزمار ويحضّر حافلات من موديلات الثمانينيات لنقل الوفود خلال البطولة. هذا المستوى الهزيل من الاستعداد واللوجيستيك سيكون بمثابة كارثة وطنية حقيقية إذا انضاف إليه حدث فوز المنتخب الوطني المغربي بهذه البطولة وإقصاء المنتخب الجزائري منها. تقنيا يبقى هذا الأمر مجرد احتمال. فهناك منتخبات إفريقية قوية تشارك في هذه المنافسة ومرشحة لانتزاع اللقب، والمنتخب الجزائري أيضا يمتلك عناصر محلية جيدة يمكنها تحقيق اللقب. ولكن حتّى الاحتمالات لا يستطيع الكابرانات تجرّعها. لا يريدون أصلا أن يضعوا هذه البطولة في خانة هذه الفرضية المرعبة، ومن هنا يأتي هذا الإصرار على وضع كل العراقيل الممكنة أمام سفر المنتخب الوطني إلى الجزائر. أفضل سيناريو بالنسبة للمنظمين الجزائريين هو أن يغيب المنتخب المغربي عن البطولة حتى لا يضطرون إلى عزف النشيد الوطني عدة مرات ونقل صورة العلم المغربي على القنوات الجزائرية الناقلة للبطولة. ألا تتذكرون كيف كانوا يتجاهلون ذكر اسم المنتخب الوطني المغربي عندما كانوا ينقلون أخبار إقصاء المنتخبات التي واجهته في كأس العالم؟ ألم يتعرض مدير التلفزيون الجزائري للإقالة من منصبه بسبب بثه لخبر عن تأهل المنتخب الوطني؟ وفي ظل هذه العقلية المليئة للأسف بمشاعر الحقد والكراهية المعزّزة ببروباغندا إعلامية موجّهة فإن قرار الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم كان صائبا عندما أصرّ على مطالبه المشروعة بالسفر إلى الجزائر عبر الطرق الطبيعية والمباشرة. وسيكون هذا القرار أكثر صوابا عندما ستصرّ الجامعة الملكية المغربية على مطلب السفر عبر الخطوط الملكية المغربية بدلا من الاقتراح الشيطاني باستخدام طائرة الخطوط الجوية التونسية. المغرب بلد ذو سيادة، ويمتلك إحدى أكبر شركات النقل الجوي في إفريقيا وأكثرها نجاحا وشهرة، فرموز سيادتنا خط أحمر.