في أولى الخطوات المهمة التي أعلن عنها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بعد توليه رئاسة دولة الامارات العربية المتحدة، تم الإعلان عن هيكلة رئيسية جديدة لمنظومة التعليم في البلاد، تتضمن مراجعة شاملة لنظم وتشريعات وسياسات القطاع التعليمي وإنشاء عدد المؤسسات الداعمة لتطوير القطاع ومستقبل التعليم في البلاد. في هذا المقال نرصد أهم ملامح هذا الإصلاح المنشود في قطاع التعليم، وأبرز الإنجازات التي تكرس الريادة الإماراتية عربيا واسلاميا بل وعالميا في مجال الذكاء الاصطناعي وعلوم الفضاء. اصلاح من أجل جيل ينطلق للعالمية بكل ثقة هذا الإصلاح لمنظومة التعليم في دولة الامارات العربية المتحدة، منبثق من رؤية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، لما ينبغي أن تكون عليه هذه المنظومة، لكونها أساس كل اصلاح ونهضة منشودين، حيث تروم هذه التغييرات الجوهرية، التي سيتم إدخالها على المنظومة التعليمية مواكبة التوجهات المستقبلية لسوق العمل، وادراج مهارات جديدة قصد الملاءمة بين جودة التكوين ومتطلبات سوق الشغل. كما أن الهدف من وراء هذه التغييرات، هو "إعداد جيل يحمل الراية ويكمل المسيرة ويتمسك بالهوية وينطلق للعالمية بكل ثقة"، بحسب ما أعلن عنه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، على حسابه بموقع "تويتر". وبغية إعطاء دفعة قوية لهذا الإصلاح الجذري، تم تعيين أحمد بالهول الفلاسي، وزيراً للتربية والتعليم، وسارة الأميري وزيرة دولة للتعليم العام وتكنولوجيا المستقبل، ورئيسة لمجلس إدارة مؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي. كما تم تعيين سارة المسلّم، وزيرة دولة للتعليم المبكر، وإنشاء هيئة اتحادية للتعليم المبكر بإشرافها، الى جانب إنشاء هيئة اتحادية لجودة التعليم تتبع لمجلس الوزراء، وإعادة تشكيل مجلس التعليم والموارد البشرية برئاسة الشيخ عبدالله بن زايد. الهيئة الاتحادية لجودة التعليم التي تم الإعلان عن انشائها، ستكون تابعة لمجلس الوزراء، وتكمن وظيفتها الرئيسية في مراقبة جودة التعليم بكل حيادية، وتطوير منظومة المؤهلات، وإجراء التقييمات المستمرة لواقع التعليم، ووضع معايير ومستهدفات واضحة لمخرجات التعليم، وقياس مدى نجاح المنظومة التعليمية في تحقيقها. كما يتمثل الهدف في إعادة تشكيل مجلس التعليم والموارد البشرية في الاشراف على مشروع مستقبل التعليم في الدولة بما يواكب الطموحات ويرسخ هويتنا الوطنية ويضمن مخرجات تعليمية تلبي احتياجاتنا التنموية والاقتصادية والاجتماعية المستقبلية. تقدم ملفت في تعليم الذكاء الاصطناعي خلال فعاليات اليوم الثاني لقمة المعرفة 2022، في مقر "اكسبو دبي 2022″، تم التأكيد على أن التأثير المحتمل للذكاء الاصطناعي في الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات العربية بحلول 2030سيصل إلى نحو 13.6%. رقم يعتبر بمثابة إقرار بالإنجازات الكبيرة، و الأهمية التي يحظى بها الذكاء الاصطناعي في منظومة التعليم بالإمارات، التي تعتبر أن الذكاء الاصطناعي يقدم مجموعة واسعة من الفرص، فضلاً عن قدرته على دعم التنمية المستدامة. أولت دولة الامارات العربية المتحدة أهمية قصوى للذكاء الاصطناعي، حيث تهدف رخصة الذكاء الاصطناعي والبرمجة إلى تعزيز الاستثمارات في مجال الذكاء الاصطناعي، واستقطاب الشركات المتخصصة في الذكاء الاصطناعي والمبرمجين من جميع أنحاء العالم، والإسهام في تنفيذ محاور وأهداف استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031. وتعد هذه الرخصة الأولى من نوعها في دولة الإمارات، وتم إطلاقها من قبل مركز دبي المالي العالمي، بالتعاون مع مكتب الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد في حكومة دولة الإمارات. وبغية دعم الذكاء الاصطناعي في منظومة التعليم، تقدم العديد من مؤسسات التعليم العالي في الدولة برامج دراسية في الذكاء الاصطناعي في مختلف الدرجات ( بكالوريوس ودراسات عليا) للطلبة الذين يرغبون التخصص والعمل في هذا المجال. وتشمل هذه المؤسسات: جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي ((MBZUAI، جامعة الإمارات العربية المتحدة (UAEU)، جامعة السوربون-أبوظبي، جامعة خليفة. كما تم اطلاق البرنامج الوطني للذكاء الاصطناعي بدولة الإمارات، وهو عبارة عن مجموعة متكاملة من الموارد المخصّصة لتسليط الضوء على أحدث التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي والروبوتات، مع التركيز بوجهٍ خاص على الهدف الطموح لدولة الإمارات العربية المتحدة في أن تصبح شريكاً رائداً في الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي وتطبيقاته المختلفة على مستوى العالم. كما تم كذلك، تشكيل مجلس الإمارات للذكاء الاصطناعي ليقوم بالإشراف على تكامل تقنيات الذكاء الاصطناعي داخل الدوائر الحكومية وقطاع التعليم، حيث تم تكليف المجلس بصياغة السياسات وخلق بنية تحتية صديقة للذكاء الاصطناعي، وتشجيع البحث المتقدم في القطاع، والترويج للتعاون بين القطاعين العام والخاص، بما في ذلك المؤسسات الدولية لتسريع تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي، فضلا عن اطلاق برنامج الإمارات للتدريب على الذكاء الاصطناعي، الذي يروم سد الفجوة في المهارات المطلوبة في قطاع التكنولوجيا ودعم الشباب وتحسين فرصهم لتمكينهم من التغلب على التحديات في قطاع تكنولوجيا المعلومات سريع التغير. علوم الفضاء…إنجازات غير مسبوقة عربيا أما في مجال علوم الفضاء، فيشكل اطلاق "مسبار الأمل" الإماراتي سنة 2020، في مهمة لاستكشاف المريخ، أول انجاز عربي يرسخ ريادة الامارات، وموقعها الأول في مجال علوم الفضاء على الصعيد العربي. وقد تمكنت الامارات خلال السنوات القليلة الماضية في تحويل طموحاتها الكبيرة في مجال الفضاء إلى واقع ملموس وإنجازات غير مسبوقة، من خلال مشاريع استثنائية أبرزها تأسيس وكالة الإمارات للفضاء في عام 2014 كأول وكالة عربية يتم إنشاؤها بهدف تنظيم وتطوير صناعة الفضاء، و اطلاق في أكتوبر 2018، القمر الاصطناعي "خليفة سات"، الذي يعد أول قمر صناعي عربي صنع بأيد محلية مائة بالمائة. استمرار لنفس نهج الامارات في تطوير علوم الفضاء، أطلقت الامارات في أبريل 2017، "برنامج الإمارات لرواد الفضاء" الأول عربيا، وذلك ضمن البرنامج الوطني للفضاء الذي يديره مركز محمد بن راشد للفضاء، كما دخلت الامارات في شتنبر 2019، التاريخ من أوسع أبوابه مع وصول رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري إلى محطة الفضاء الدولية ليصبح أول رائد فضاء عربي يصل إلى المحطة الدولية في رحلة تكللت بالنجاح وسطرت اسم الإمارات في السجل العالمي لإنجازات قطاع الفضاء. التألق الإماراتي في علوم الفضاء سيتواصل، بإعلان في فبراير 2020، عن تفاصيل قانون الفضاء الأول من نوعه على المستويين العربي والإسلامي، والذي يحمل 10 أمثلة لمجالات فضائية جديدة وناشئة، كما تم في 4 يوليوز 2020، عن إطلاق برنامج "نوابغ الفضاء العرب"، الأول من نوعه عربيا، لاحتضان ورعاية مجموعة متميزة من المواهب والنوابغ العرب، وتدريبهم وتأهيلهم في علوم الفضاء وتقنياته.