أوضح مصدر أمني تعليقا على أحداث اعتصام الأساتذة المتعاقدين، ليلة السبت- الأحد 23 و24 مارس 2019، بالرباط، أن "القوات العمومية تعاملت بضبط للنفس، ولم تنسق وراء العديد من الاستفزازات، وآثرت لغة التفاوض قبل أن تلجأ في نهاية المطاف إلى إعمال تدابير احترازية لتفريق المتجمهرين من أساتذة التعاقد"، مشيرا إلى أن القوات العمومية لها الحق في فض الاعتصام باستعمال القوة المتناسبة وفقا للقانون. وأضاف المصدر، أن "تغليب المتجمهرين لغة الأمر الواقع، والإصرار على المبيت ليلا في الشارع العام، وعرقلة حركة السير والجولان، هي عناصر تكوينية لفعل التجمهر المخل بالأمن العمومي، الذي يسوغ قانونا التدخل لفض هذه الأعمال المخالفة للقانون"، مردفا بأن القوات العمومية "راهنت على استخدام شاحنات ضخ الماء لتفادي تسجيل إصابات، في محاولة منها للتوفيق والموازنة بين حفظ الأمن والنظام العامين من جهة، وتفادي حدوث إصابات جسدية من جهة ثانية". كرونولوجيا الأحداث وأفاد المصدر أن أولى طلائع مسيرة الأساتذة المتعاقدين، وصلت أمام مقر البرلمان عند الساعة العاشرة ليلا، مرفوقة بسيارتين تحملان مكبرات صوت بغرض استخدامها في ترديد الشعارات، وهو ما تسبب حسب المصدر الأمني في "عرقلة كبيرة لحركة السير والجولان، فضلا عن توقف النشاط التجاري بمركز مدينة الرباط، وهو ما أجبر مصالح الأمن على تحريف السير بشكل كلي عن وسط المدينة". وقال المصدر إن أولى إرهاصات تجمع أساتذة التعاقد، بدأت تظهر طلائعها على الساعة الرابعة زوالا من يوم أمس السبت، أمام مقر وزارة التربية الوطنية، قبل أن تتحول التجمعات إلى مسيرة شارك فيها حوالي عشرة ألاف أستاذ متعاقد، حيث شرعوا في التحرك حوالي الساعة التاسعة ليلا ابتداءا من شارع ابن تومرت في اتجاه شارع محمد الخامس، مرورا بساحة باب الأحد مع تسجيل وقفات مطولة عديدة، كانت تتخللها شعارات تتجاوز حدود سقف المطالب التي يعبر عنها الأساتذة المتعاقدون. وأشار المصدر إلى أن السلطة المحلية وقوات الأمن، دخلت في مفاوضات مع ممثلي أساتذة التعاقد، اعتبارا لموجبات صون الأمن والنظام العام، وحرصا على تحرير الشارع العام في وجه حركية السير، وصونا لحريات وحقوق المواطنين القاطنين بوسط المدينة، يؤكد المصدر الأمني. مضيفا بأن "أول جولة للمفاوضات كانت على الساعة الحادية عشر ليلا، ولحقتها أربع جولات أخرى من المفاوضات، حيث اقترحت السلطات العمومية أن تضع ولاية الجهة رهن إشارة أساتذة التعاقد 50 حافلة من أجل نقلهم إلى مدنهم، مع إمكانية تخصيص فضاء للإيواء، وهي العروض التي قابلها المتجمهرون بالرفض". وأفاد المصدر أنه بعد انتهاء المفاوضات وتلاوة الإنذارات القانونية، دفعت القوات العمومية بشاحنات ضخ المياه إلى المقدمة عند الساعة الثانية بعد منتصف الليل، حيث شرعت في فض الاعتصام وتفريق المعتصمين، الذين أصر بعضهم على مواجهة خراطيم المياه، بينما شرع البعض الآخر في التفرق عبر الأزقة المتفرعة عن شارع محمد الخامس في محاولة لتنظيم وقفات واعتصامات مماثلة وبأعداد أقل.
هل كان التدخل الأمني متناسبا؟ وأكد المصدر أن جميع المتجمهرين الذين تم نقلهم للمستشفى، وعددهم حوالي خمسين شخصا، غادروا المؤسسة الصحية مباشرة لكونهم لم يكونوا يحملون إصابات أو جروح خطيرة أو متفاوتة الخطورة". وهذا راجع يضيف المصدر ذاته إلى "اعتماد قوات حفظ النظام على خراطيم المياه، كآلية وقائية واحترازية في الوقت نفسه، وهي تقنية للتدخل معمول بها في كافة دول العالم". وأضاف المصدر الأمني بأن التدخل كان متناسبا مع ردة فعل أساتذة التعاقد، وغير مشوب بالإفراط ولا التفريط، وجاء كإجراء أخير بعد استنفاذ كافة الإنذارات والشروط التي يحددها القانون، نافيا في المقابل ما اعتبرها "المزاعم التي تتحدث عن تدخل قوي أو موغل في الاستخدام المشروع للقوة". وفي المقابل، أوضح المصدر الأمني أنه تم تسجيل إصابات في صفوف قوات حفظ النظام بعد رشقهم بالحجارة وقنينات زجاجية، تمثلت في إصابة 21 شرطيا و05 من عناصر القوات المساعدة، من بينهم من أصيب بجروح وكدمات ورضوض، ومنهم من تعرض لتمزقات عضلية وتوعكات في أطرافه. وختم المصدر الأمني تصريحه على ليلة الاعتصام المفتوحة، بأن القوات العمومية هاجسها الأول والأخير هو صون الأمن والنظام العامين، وحماية حقوق وحريات جميع المواطنين، وأنها لن تسمح بفرض اعتصامات ليلية قد تخل بمرتكزات ومقومات الأمن العمومي.