عقب أحداث يوم الإثنين الماضي، هب مسؤولون أوروبيون بشكل متسرع وغير حكيم، ليدلوا بدلوهم في ما جرى، ويأولوا الأمور بحسب ما في أجندتهم من رغبة قوية للنيل من المغرب على خلفية مواقفه الصلبة الأخيرة، وما حققه من انتصار ديبلوماسي لفائدة قضيته الوطنية بشكل غاض الأوروبيين. ومن بين ما أثار انتباهي بهذا الخصوص، تصريحات نائب رئيس المفوضية الأوروبية، مارغريتيس شيناس، التي تستحق أن نقف عندها ونرد على ما فيها من "خفة الرأي"، و"حشيان الهضرة"، ومغالطات غير مقبولة تحتاج أن يصحح صاحبها معلوماته بشأنها، بما يلي من معطيات أظنه غفل عنها أو تعمد عدم أخذها بعين الاعتبار، لغرض في نفسه لن نتركه يقضيه: – أولا، أن المملكة المغربية دولة تحترم نفسها، وتفي بالتزاماتها الدولية، وتلتزم بالمواثيق التي توقعها، وتنخرط بفعالية في المبادرات الدولية التي تؤمن بها. ومن يراجع تاريخ الدبلوماسية المغربية سيتبين له أن المغرب ظل على الخط الحكمة والتوازن، ولم ينتظر يوما من يفتي له بما يجب عليه أن يقوم به. – ثانيا، أن التزام المملكة المغربية بنهج علاقات متميزة مع الاتحاد الأوروبي ودوله، هو التزام ثابت لم يتغير رغم امتعاضنا من مواقف بعض دول الاتحاد بخصوص قضايانا الكبرى، وأولها قضية الصحراء المغربية، التي لم ترق إلى ما نستحقه وننتظره، وظلت تتأرجح بين مقام الحياد السلبي ومقام التصريحات المتدبدبة والملغومة أو المستفزة، وخطيئة استثمار أوراق "حقوقية" محروقة للضغط على بلادنا بخلفية تحقيق مصالح اقتصادية وتجارية أوروبية صرفة. – ثالثا، أن المملكة المغربية لا ولن تقبل أي ابتزاز من أي جهة كانت، وخصوصا من الاتحاد الأوروبي وبعض الدول التي تحن لماضيها الاستعلائي، و"اللي تايعطينا شي حاجة، غير يخليها عندو". وعلى هذا الأساس، المملكة المغربية لا تخاف ولن تخاف من أي كان، لأنها دولة تجر وراءها ملاحم مجيدة، ولأن التاريخ يثبت أن الأمة المغربية كانت دائما، ولا تزال، تحمل في جعبتها كثيرا من "الأوراق" التي تستدعي أن يخشى بسببها مكرنا نحن، لا أن يعتقد أي متهور أن بإمكانه أن يمكر بنا. – رابعا، أن حدود الاتحاد الأوروبي، من جهة الجنوب الغربي، هي ألجزيراس Algésiras وطريفة Tarifa، وجبل طارق Gibraltar البريطاني. ويتعين على مارغريتيس شيناس أن يخبر بذلك المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية السيدة إيلفا جوهانسون، كي تصحح معلوماتها وتكف، هي أيضا، عن الاعتقاد أن لإسبانيا حدودا أخرى يمكن أن "يقفز" الاتحاد الأوروبي ليجعلها حدودا له. – خامسا، أن مدينة سبتة ومدينة مليلية، هي مدن مغربية محتلة. وقد يزول عنها الاحتلال في أي وقت، وتعود أرض المدينتين فضاء للعيش المشترك ومشتلا لبذور التنمية والتعاون، بطريقة نتمناها سلمية وحضارية، حين تتهيأ الظروف لذلك، دون الحاجة إلى تدخل مفوضية الاتحاد الأوروبي. – سادسا، علاقة المملكة مع جارتها الشمالية إسبانيا تمتد لقرون. وهم قد جربونا ويعرفوننا جيدا، كما يعلمون أننا لم نخف يوما، ونستحق انحناءة احترام وتقدير وتوقير. وحكماء إسبانيا يعلمون أن الأجواء مع المغرب يمكن أن تعود إلى سابق طبيعتها، فور عودة النضج للسلوك السياسي للحكومة اليسارية بمدريد، أو مباشرة بعد سقوطها المدوي في الانتخابات المقبلة، لتنجلي سحابة مثقلة بالمشاكل التي أحدثتها ارتجالية وعبثية تدبير السياسة الخارجية، التي لم نعهدها من قبل أيام السياسيين الكبار رؤساء الحكومة فيليبي كونزاليس، وخوسي لويس رودريغيز زاباطيرو، ولا حتى أيام خوسيه ماريا أزنار أو ماريانو راخوي. – سابعا، أن موضوع الهجرة السرية ظل فيه المغرب ملتزما بالتعاون مع شركائه، ومنخرطا في الجهود الدولية التي تتعاطى مع إشكالية الهجرة وفق معايير تحترم حقوق الإنسان وحق الشعوب في التنمية والتأهيل. لكن، من الخطأ الاعتقاد أن المغرب يمكن أن يكون دركيا لدى مفوضية الاتحاد الأوروبي، كما أننا لسنا مطالبين بحماية حدود كيانات جغرافية أخرى، خاصة تلك التي تزايد علينا في قضايانا وحقوقنا الوطنية. إنما دورنا هو حماية حدودنا وحوزة ترابنا الوطني وأمن مواطنينا، والتعاون مع الجيران لحماية الأمن المشترك، و انتهى الكلام. على مسؤولي مفوضية الاتحاد الأوروبي أن يعلموا أن المملكة المغربية لا تطلب شيئا سوى معاملة ندية واحترام وتوقير، لبناء علاقات سياسية استراتيجية تخدم التنمية والتقدم والسلام، وأن لا يتآمر أحد للنيل من حقوق وطننا ومصالحه الاستراتيجية. أما غير ذلك من أحداث غير مألوفة ولا مبرمجة، مرتبطة بالهجرة السرية أو بغيرها، فهي أمور لا نريد أن نقف كثيرا عندها، أو نلقي بالا لمن يريد اتخاذها ذريعة للنيل منا، لأننا ببساطة لا نشك في مشروعية قضايانا وفي صواب مواقفنا. و#سالات_الهضرة #المغرب_كبير_على_العابثين