أحصت السلطات الفرنسية مشاركة أكثر من 41 ألف شخص في احتجاجات حركة "السترات الصفراء" للسبت الرابع عشر من المظاهرات الشعبية غير المسبوقة في البلاد، والتي انطلقت في 17 نوفمبر 2018، ولم تخفت برغم الإجراءات الاجتماعية والحوار الوطني الذي بادر إليه الرئيس ماكرون وحكومته. وتظاهر آلاف المحتجين من "السترات الصفراء" السبت في باريس ومدن فرنسية عدة، بعد ثلاثة أشهر من بدء هذه الحركة المتواصلة رغم بوادر ملل لدى الرأي العام. وفي العاصمة الفرنسية باريس، انطلق آلاف المتظاهرين من ساحة بلاس دوليتوال وصولا إلى ساحة ليزانفاليد التي أخليت عصرا. وأحصت وزارة الداخلية 41 ألفا و500 متظاهر في البلاد بينهم خمسة آلاف في باريس، في تراجع للتعبئة مقارنة بالأسبوع الفائت. وبعد صدامات قصيرة مع قوات الأمن، تفرق المحتجون في الطرق المحيطة وتوجه بعضهم مساء إلى جادة الشانزليزيه على وقع هتافات تطالب باستقالة الرئيس ايمانويل ماكرون. وكانت الحركة الاحتجاجية غير المسبوقة بدأت في 17 نوفمبر/تشرين الثاني وسرعان ما انتشرت في كل أنحاء فرنسا رفضا للسياسة الاجتماعية للحكومة، ودفعت الأخيرة إلى اتخاذ إجراءات اجتماعية وإطلاق حوار وطني كبير. ويرفض "السترات الصفراء" السياسة الضريبية والاجتماعية لحكومة ماكرون، ويطالبون بتعزيز القدرة الشرائية وصولا إلى مناداة بعضهم باستقالة ماكرون. مظاهرات في بوردو وتولوز.. وشهدت مدن فرنسية أخرى توترا أكبر في نهاية المظاهرات، وخصوصا بوردو (جنوب غرب). وهتف المشاركون في مظاهرة المدينة "الموت للأغنياء" واندلعت أعمال عنف ردت عليها قوات الأمن بخراطيم المياه والغاز المسيل للدموع. وقال مصدر في الشرطة إن تظاهرة بوردو جمعت نحو خمسة آلاف شخص. وتجمع ألفا شخص على الأقل في بونتيفي (غرب) فيما تظاهر الآلاف في تولوز (جنوب غرب) حيث اندلعت مواجهات بعد الظهر. وفي نانت (غرب) جمعت المظاهرة نحو 1600 شخص بحسب مصدر في الشرطة وتخللها بعض الحوادث. وفي ليون حيث تجمع أيضا الآلاف، وحاول عدد من "السترات الصفراء" إغلاق الطريق السريعة عند المخرج الجنوبي للمدينة، ما تسبب بزحمة سير. وعاد المحتجون السبت إلى العديد من المستديرات حيث كانت بدأت التعبئة أواسط نوفمبر/تشرين الثاني. لكن السلطات المحلية أكدت أنها لن تسمح بأي قطع للطرق. كذلك، سجلت احتجاجات جمعت ما بين مئة وألف شخص في كل من ليل (شمال) وكاين (شمال غرب) وغرونوبل (شرق) وستراسبورغ (شمال شرق) ورين (غرب). أكثر من نصف الفرنسيين ضد الاحتجاجات! ويبدو أن الدعم الشعبي الواسع الذي كانت تلقاه حركة الاحتجاج بدأ يتراجع. فللمرة الأولى، تأمل غالبية من الفرنسيين (56 بالمئة) بتوقف التحرك، بحسب استطلاع نشرت نتائجه الأربعاء. وبين الحكومة المنشغلة بالترويج للحوار الكبير والمتظاهرين الذين يدينون مشاورات يعتبرونها شكلية، يتواصل حوار الطرشان. واعتبر الوزير الأسبق جان بيار شوفينمان في مقابلة مع صحيفة لوموند السبت أن هذه الأزمة تسلط الضوء "على تصدع اجتماعي وجغرافي وديمقراطي ومؤسساتي وأوروبي". كما أخفقت النسخة الألمانية من حركة "السترات الصفراء" في تحقيق تعبئة كبيرة السبت بعد دعوتها إلى تجمعات في أنحاء البلاد. وذكرت وكالة الأنباء الألمانية أن ألفي شخص فقط تجمعوا في أربع عشرة مدينة ألمانية كبرى بينها برلين وميونيخ. وطالب منظمو الحراك بتحسين ظروف العمل وتطوير الكفاءة وعناية صحية أفضل. المصدر: الدار – أ ف ب