بينما تسعى الهند إلى الظهور كقوة عالمية بارزة، تعمل نيودلهي على تعزيز علاقاتها الدفاعية والاقتصادية مع الدول ذات الأهمية. مع انضمام كل من نيودلهي وبكين في إفريقيا يمكن للهند والمغرب توقيع اتفاقية دفاع لتعزيز العلاقات الثنائية، وهذا ما تم التأكيد علي خلال اجتماع افتراضي عقد بين وزير الشؤون الخارجية والتعاون الافريقي والمغاربة المقيمين في الخارج، ناصر بوريطة وS. Jaishankar وزير الشؤون الخارجية الهندي. تعود علاقات الهند بالمغرب إلى القرن الرابع عشر، عندما سافر الرحالة والكاتب الشهير ابن بطوطة إلى الهند. كانت الهند من أوائل الدول التي اعترفت بالمغرب في 20 يونيو 1956، وسرعان ما أقيمت العلاقات مع البلاد في عام 1957. في عام 2017، ساعدت الهند المغرب في جهوده للعودة إلى الاتحاد الأفريقي، وتعد الهند أكبر مستقبل آسيوي لاستثمارات المملكة المغربية، حتى أن وزير خارجية المغرب الأسبق وصف المغرب بأنه امتداد ثقافي للهند. تتمسك المملكة العربية بالقيم الفريدة المتمثلة في التعددية والتنوع والتسامح، وهو الأمر الذي ساعد البلاد على مواءمة رؤيتها مع تنوع سكان الهند وتعزيز التفاهم المتبادل حول مجموعة من القضايا. قربها الجغرافي الفريد من دول مثل ليبيا، والخبرة في التعامل مع العناصر المتطرفة بطريقة ناجحة تجعل المملكة المغربية شريكًا رئيسيًا في مكافحة الإرهاب والتطرف للهند في شمال إفريقيا. اكتسبت العلاقات الثنائية بين الهند والمغرب عمقًا وحيوية كبيرين بعد الزيارة التاريخية لململك محمد السادس في أكتوبر 2015 لحضور قمة منتدى الهند وأفريقيا الثالثة. جاءت الزيارة في أعقاب توقيع أكثر من 40 مذكرة تفاهم واتفاقية في قطاعات مثل تكنولوجيا المعلومات، والتعليم، والثقافة، والزراعة ، والمساعدة القانونية المتبادلة، وتسليم المجرمين، وما إلى ذلك. وقد زاد المغرب والهند من أعمالهما على مر السنين في مجال الأسمدة والمنسوجات والأدوية والسيارات وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وفقا لمسؤولي الحكومة الهندية. لقد وفرت الترتيبات الثنائية في مجالات الأمن السيبراني ومكافحة الإرهاب والفضاء أطرًا قوية لبناء أساس علاقة قوية وشاملة بين نيودلهي والرباط. إن الإنجازات الفريدة للمغرب في مقاربته لمكافحة التطرف العنيف والراديكالية داخل حدوده جديرة بالثناء، كما أدت الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمتعلقة بقطاع العدالة في المملكة المغربية إلى الازدهار والسلام، وحالت دون حدوث أي اضطرابات ثورية وقمع عنيف، وهو أمر يكافح جيران المغرب بشدة من أجل تحقيقه في منطقة يعمها الاضطراب وعدم الاستقرار. قال وزير العدل المغربي السابق محمد أوجار خلال زيارته للهند لصحيفة إيكونوميك تايمز، ان "المغرب لديه تجربة راسخة لمكافحة الإرهاب، معترف بها عالميا". وتابع :" لدينا تعاون في مكافحة الإرهاب بما في ذلك الترتيبات القانونية الثنائية مع الدول الكبرى لمكافحة الإرهاب. نظرًا للتوسع في العلاقات مع الهند والمصالح المشتركة، قررنا التوقيع على هذه المعاهدات مع دلهي ، ونقل شراكتنا لمكافحة الإرهاب إلى المستوى التالي ". وقال الوزير: "لقد أشاد المجتمع الدولي بمبادرات المغرب في محاربة التطرف. نحن نتبع إستراتيجية متعددة الأبعاد لمكافحة الإرهاب لها ثلاث أبعاد متميزة: جمع المعلومات الاستخبارية ، والإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية، وإصلاح الحقل الديني". في وقت تكافح فيه الهند مع مجموعة من القوى العنيفة لفترة طويلة، يمكن للبلاد التعاون مع المغرب لتحسين استراتيجيات مكافحة الإرهاب والسيطرة على أي أنشطة متطرفة. ليس فقط الهند، فالمغرب لديه علاقات أمنية مع فرنسا وإسبانيا وبلجيكا التي تبادلت معها معلومات استخبارية ومعلومات عن مكافحة الإرهاب. لقد بنى المغرب سمعة فريدة لمقاربته الملموسة في محاربة التطرف والإرهاب. وهذا ما يحتم على الهند ضرورة تعزيز علاقاتها مع الملمكة، التي أقامت تعاونًا أمنيًا إقليميًا ودوليًا يغير قواعد اللعبة مع العديد من الدول التي تبشر بالتنمية في القارة الأفريقية. ومع تفشي وباء كورونا المستجد، هذا العام، كان قرار الهند بإرسال 6 ملايين وحدة من أقراص HCQ إلى المغرب جديرًا بالثناء، إلى جانب الجهود المبذولة لتقديم دورات eITEC لبناء القدرات، مما يمثل مظهرًا مهمًا لدعم الهند للمغرب في أوقات الأزمات. يعتبر المغرب أيضًا بوابة إلى إفريقيا من قبل الشركات الهندية حيث أن البيئة السياسية المستقرة في البلاد والمؤهلات الاقتصادية الواعدة تضمن ملاذًا آمنًا للاستثمار في البلاد. تعمل العديد من الشركات الهندية الرائدة في العديد من القطاعات حاليًا في المغرب، مما يعكس الاهتمام المشترك لكلا الجانبين. يبرز المغرب بسرعة كرائد اقتصادي في شمال إفريقيا وهو مصدر رئيسي للفوسفاط في الهند، كما يواصل تعزيز علاقاته التجارية مع الشركات الهندية، كما يدعم المغرب الهند من أجل الحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. يقع المغرب على بعد 14 كيلومترًا فقط من الساحل الأوروبي، وموقعه الاستراتيجي على مفترق طرق التجارة الرئيسية التي تربط أمريكا وإفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط، يجعله شريكًا تجاريًا مهمًا. على عكس جيرانه غير المستقرين سياسياً، يعج المغرب بأنشطة اقتصادية جذابة وفرص تجارية هائلة. فاتفاقيات التجارة الحرة التي أبرمتها المملكة المغربية مع الدول المهمة الأخرى تجعلها وجهة مثالية للاستثمارات الأجنبية، ونقطة دخول لتصدير المنتجات المعفاة من الرسوم إلى سوق من 55 دولة، تمثل أكثر من مليار مستهلك. لذلك، هناك فرص هائلة لدولة مثل الهند لتوسيع أنشطتها التجارية في المنطقة. في عام 2018، وصلت التجارة بين المغرب والهند إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، حيث تجاوزت 1.5 مليار دولار أمريكي.