ماذا يحدث وأنت تمر في الشارع مرتديا الكمامة، أو حتى تجلس على رصيف مقهى وأنت ملتزم بكامل إجراءات الوقاية ضد فيروس "كورونا"، وفي لحظة ما تفاجأ برائحة دخان سجائر عطنة تقتحم كل جوارحك، فمك وأنفك وحلقك ورئتيك، فتنتبه إلى وجود شخص على بعد عدة أمتار منك، يدخن بشراهة وينفث دخان رئتيه في الهواء. عمليا لا يمكنك الاحتجاج على مثل هذا المدخن، فهو يجلس بعيدا عنك بعدة أمتار، كما أنه يرتدي الكمامة، وقام بإزالتها فقط لكي يدخن، والقوانين الجارية لا تنص على منع التدخين في الأماكن العامة، فكل ما هنالك هو الإصرار على ارتداء الكماكة والحفاظ على بعد اجتماعي مناسب، ليس أقل من متر. إنها معضلة حقيقية صار الكثيرون ينتبهون إليها مؤخرا، خصوصا مع تخفيف إجراءات الحجر الصحي وفتح المقاهي، حين مارس الكثير من المدخنين حريتهم التامة في استنشاق ونفث الدخان، غير آبهين بمن حولهم، سواء في الشارع العام أو في الأماكن العامة. هذا المشهد يبدو مقززا حتى في الأيام العادية، فبالأحرى في هذه الأيام الصعبة حين أصبح المرء يتجنب المرور بمحاذاة الآخرين مخافة التقاط نفسهم، لكن دخان السجائر يقتحم كل شيء، فهو يخترق المسافات والكمامات وإجراءات التباعد. خبراء الصحة في العالم، الذين ركزوا كثيرا على الكمامات والتباعد الاجتماعي، ولم يعطوا الأهمية اللازمة للتدخين في الشوارع والأماكن العامة، وهؤلاء الخبراء ارتكبوا أخطاء كثيرة منذ ظهور الفيروس، وطوال الأشهر الماضية ظلوا يعطون النصائح للناس بواسطة طريقة الري بالتنقيط. اليوم فقط، وبعد كل هذا الوقت على تفشي الفيروس، انتبهت عدد من البلدان إلى الآثار الكارثية للتدخين في مجال نقل الفيروس، فقررت منعه بشكل كامل في الأماكن الخاصة والعامة والشوارع، أي في أي مكان يوجد فيه أكثر من شخص. ما نحتاجه في المغرب ليس فقط التركيز على ارتداء الكمامات، ففي كثير من الأحيان تصير الكمامة مجرد ديكور، فهناك أشياء على قدر كبير من الأهمية، وهي منع التدخين بالكامل في الفضاءات العامة، وليس فقط في الأماكن المغلقة.