ينتقد مصطفى الشناوي البرلماني عن فيدرالية اليسار الديمقراطي في هذا الحوار رئيس الحكومة السابقة عبد الإله بنكيران ويستغرب من عدم انسجامه مع ما كان "يطبل" له وهو حزبه عندما كان برلمانيا. كما يكشف ل"الدار" أن إدماج فيدرالية اليسار في الحكم أمر غير وارد لأن الحكومة لا تحكم، مشددا على ضرورة بإعداد إطار واضح لممارسة الحكم وتدبير السياسة العامة في المغرب. تعيش تجربة فيدرالية اليسار الديمقراطي طفرة نوعية بفضل الحركية التي أحدثتها مشاركتك برفقة عمر بلافريج داخل البرلمان، وهذا ما يدفع المراقبين إلى التنبؤ بإدماجكم في الحكم في انتخابات 2021. هل يتم فعلا إعدادكم لهذا الغرض وهل هناك اتفاق بينكم وبين الدولة في هذا الإطار؟ نحن نقوم بدورنا كبرلمانيين في التشريع ومراقبة عمل الحكومة بالرغم من الحصار الذي نعاني منه بسبب عدم تمكيننا من وسائل العمل كباقي النواب وبسبب الحيز الزمني الضئيل جدا المخصص لنا والذي لا يوفر لنا إمكانية تقديم معالجة تدقيقية للقضايا المطروحة حتى يتمك المواطنون و المواطنات من التعرف على رأينا والحكم عليه وكذلك لمسائلة الحكومة. لكننا بالرغم من ذلك فإننا نقوم انطلاقا من توجهات فيدرالية اليسار الديمقراطي بالتعبير عن مواقفها ، ويجب أن نعرف أن فيدرالية اليسار هي مشروع سياسي كبير، وجزء لا بأس به من النخب المغربية على وعي تام بذلك، و ذلك ما دفعهم للتوقيع على عريضة تساند مرشحي الفيدرالية خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة. أما الحديث عن إدماجنا في الحكومة كفيدرالية فهذا غير وارد للحظة وبعيد جدا لأن الحكومة عندنا لا تحكم وقواعد الحكم الديمقراطي لها شروط تبتدأ بدستور الملكية البرلمانية والتي تم التأكيد عليها في مذكرة الفيدرالية حول إعداد دستور 2011، أهمها فصل حقيقي للسلط خاصة منها ما يتعلق بالسلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية، وتخليق الحياة السياسية والمساواة أمام القانون والتطبيق الفعلي لربط المسؤولية بالمحاسبة، حيث لا يجوز الاستثناء أو الإعفاء من المحاسبة، وما يستتبع كل هذا من تعبيد الطريق نحو العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة. والمطروح اليوم ليس هو التهافت على المشاركة في حكومة ليست لها صلاحيات الحكم وبعيدة عن ما نطمح له في الفيدرالية، ومن يعتقد عكس ذلك فهو واهم ولم يستفد من التجارب والإخفاقات والأخطاء السابقة، بل إن المطروح اليوم هو العمل والمطالبة والإلحاح بإعداد إطار واضح لممارسة الحكم و تدبير السياسة العامة في المغرب وتفعيل السيادة الشعبية من أجل إرساء قواعد دولة ديمقراطية حداثية. قبل سنتين اعتبرت فيدرالية اليسار في إطار تفاعلها مع المثقفين وبعض النخب أن مغربا آخر ممكن، هل لا تزالون تحملون نفس الموقف المتفائل بعد هذه التجربة البرلمانية؟ نعم، إن تشبتنا بقيم الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية وإعمال حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا لفائدة المواطنات والمواطنين يزيد من حماسنا وقناعتنا في مشروعنا اليساري الذي سيساهم في إرساء قواعد الدولة الديمقراطية الحديثة المؤمنة بإحقاق الحقوق والواجبات للجميع ما يعنيه أن يسترجع المجتمع امتلاكه للدولة و أدواتها ومؤسساتها. تبني فيدرالية اليسار مشروعها على وحدة اليسار والحزب اليساري الكبير لكن اندماج مكوناتها الحالية يعرف تعثرا كبيرا لماذا لايستطيع اليسار تجاوز معضلاته التنظيمية؟ في رأيي إن فيدرالية اليسار الديمقراطي ما هي إلا حلقة انتقالية في اتجاه وحدة اليسار؛ هذه الوحدة عليها أن تقوم أولا على مراجعة نقدية جريئة للمسار النضالي اليساري لاستخلاص الدروس وبناء رؤية مستقبلية تعيد للمغربيات والمغاربة الثقة في السياسية كوعي مجتمعي له آليات المتابعة والنقد والتقييم والقدرة على الاختيار بين البرامج التي مع الأسف أصبحت مجرد كلام بعيد كل البعد عن الالتزام بين الأحزاب و الناخبين و الناخبات. رغم الطروحات والمقترحات الاجتماعية التي تقدمونها ومن بينها أولولية قضية التعليم إلا أن الفيدرالية واليسار عموما لا يزال يعاني من ضعف التأثير الشعبي. بماذا تفسرون ذلك؟ التأثير الشعبي لا يستقيم بين عشية و ضحاها، بل هو صيرورة تبنى بين الفاعلين السياسيين والاجتماعيين والمدنيين من جهة والمواطنين والمواطنات من جهة أخرى على مدى تاريخ من قراءة من التجربة، وتجربة فيدرالية اليسار في بدايتها وعليها أن تصاحب وترافق المواطنين بآليات المراقبة والتتبع والمحاسبة وهذا يتطلب قواعد تقنية وإعلامية وقضائية ومؤسساتية وغيرها مما يجعل الفعل ومتابعة الإنجازات والمطالب المطروحة تملّكا جماعيا يقود لمخرجات مجتمعية تحتضنها فئات مجتمعية عريضة. تعيش الحياة السياسية اليوم على إيقاع تراشق يختزل المشهد في قطبين رئيسين البيجيدي والأحرار ما موقفكم مما يحدث بين الحلفاء داخل الحكومة؟ سؤال له ما يبرره فيما عرفته التركيبة الهجينة وغير الطبيعية للأغلبية ، فهي لم تتأسس على قواعد تحالف برنامجي بقدر ما جاء ذلك نتيجة ما عرفته الحياة السياسية المغربية من بلقنة، وعلى كل حال فالحزبين والحكومة بتركيبتها الحالية لا تقوم إلا بالانصياع وراء توجيهات وتوصيات ومقترحات الدوائر المالية الدولية صندوق النقد الدولي والبنك الدولي… أما فيما يتعلق بما يحدث بين الحلفاء على مستوى التفاصيل فهم أكثر الناس قدرة على الإجابة. أثارت قضية استفادة رئيس الحكومة السابق من معاش استثنائي سخي جدلا واسعا. ماذا تعني لكم في فيدرالية اليسار مثل هذه الوقائع؟ موقف فيدرالية اليسار واضح و قد تم الاعلان و التصريح به في أكثر من مناسبة. نحن في فدرالية اليسار ضد أي نوع من المعاش للوزراء وللبرلمانيين، وقد تقدمنا أنا والرفيق عمر بلافريج بمقترح قانون لحذف معاش البرلمانيين. أما بخصوص رئيس الحكومة السابق فقد كان عليه الاعتذار عن قبول ذلك المعاش السمين من الناحية الأخلاقية على الأقل انسجاما مع ما كان يقوله هو وحزبه ويطبل له لما كان نائبا برلمانيا من ترشيد لأموال الدولة وانسجاما مع ما فرضه من قرارات مجحفة على الموظفين الأجراء من خلال إصلاحه المشؤوم.