نددت الصين السبت بالولاياتالمتحدة لفرضها عقوبات "وحشية" كرد على حملة بكين الأمنية في هونغ كونغ، ليسدل الستار بذلك على أسبوع شهد تدهورا إضافيا في العلاقات بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم. وفي خطوة تعد الأكثر تشددا حيال هونغ كونغ منذ فرضت الصين قانونا أمنيا جديدا واسع النطاق على المنطقة، فرضت واشنطن الجمعة عقوبات على مجموعة من المسؤولين من كل من الصينوهونغ كونغ، بمن فيهم زعيمة المدينة كاري لام. وجاءت الخطوة بعدما أجبرت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مجموعتي الإنترنت العملاقتين "تيك توك" و"وي تشات" على إنهاء جميع عملياتهما في الولاياتالمتحدة، في هجوم دبلوماسي وتجاري مزدوج يتوقع أن تزداد حدته قبيل الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر. وانتقدت الصين العقوبات السبت واصفة إياها بأنها "وحشية ووقحة". وأفاد مكتب الاتصال التابع للحكومة الصينية في هونغ كونغ في بيان أن العقوبات "تكشف النوايا الخبيثة للسياسيين الأميركيين بدعم أشخاص مناهضين للصين وبإثارة الفوضى في هونغ كونغ". وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية أنها ستجمّد أصول رئيسة السلطة التنفيذية في هونغ كونغ كاري لام إلى جانب عشرة من كبار المسؤولين بمن فيهم رئيس مكتب الاتصال ليو هوينينغ. وحمّلت الشخصيات التي فرضت عليها العقوبات "المسؤولية المباشرة عن تطبيق سياسات بكين المتمثلة بقمع الحريات والعمليات الديموقراطية". ويجرّم القرار إجراء أي تعاملات مالية في الولاياتالمتحدة مع المسؤولين الخاضعين للعقوبات. وقال ليو في بيان مقتضب إنه يرحب بإدراجه على قائمة واشنطن السوداء، مؤكدا "فعلت ما يجب أن أفعله من أجل البلاد وهونغ كونغ". وأضاف "لا أمتلك أصولا أجنبية بقيمة سنت واحد". بدورها، وصفت حكومة هونغ كونغ العقوبات ب"السافرة والدنيئة". وأفادت في بيان "سندعم بشكل كامل الحكومة المركزية في تبنى إجراءات مضادة". من جهته، حذّر وزير التجارة في المدينة إدوارد ياو من أن العقوبات "الهمجية وغير المنطقية" ستحمل تداعيات على الأعمال التجارية الأميركية في هونغ كونغ. وذكر مكتب شؤون هونغ كونغ وماكاو في الصين أن قائمة العقوبات "تدوس بوقاحة على القانون الدولي" و"ستعلّق على عمود العار إلى الأبد". كما حظر فيسبوك لام وباقي المسؤولين العشرة الخاضعين للعقوبات من نشر إعلانات على المنصة حيث قال متحدث باسم الشركة السبت إنها "ملزمة قانونا بالتحرّك". – توتر قبل الانتخابات – وفرض قانون الأمن الصيني أواخر يونيو بعد الاحتجاجات الضخمة المدافعة عن الديموقراطية التي هزّت هونغ كونغ. ومذاك، أجّلت سلطات هونغ كونغ الانتخابات مرجعة ذلك إلى تفشي وباء كوفيد-19 بينما أصدرت مذكرات توقيف بحق ستة ناشطين مدافعين عن الديموقراطية يعيشون في المنفى وأطلقت حملة أمنية استهدفت ناشطين داخل المدينة. وأكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أن القانون الأمني انتهك الوعود التي قطعتها الصين على نفسها قبيل تسلّمها هونغ كونع من بريطانيا عام 1997. وتعهّدت بكين آنذاك بأن تحافظ المدينة على الحريات التي تميّزها عن باقي المناطق الصينية وعلى السيادة الذاتية لمدة 50 عاما. وأفاد بومبيو في بيان أن "تحرّكات اليوم تبعث برسالة واضحة مفادها أن سلوكيات سلطات هونغ كونغ غير مقبولة". وتأتي الخطوات الأميركية قبل ثلاثة شهور على انتخابات نوفمبر الرئاسية إذ بات الملف الصيني جزءا من حملة ترامب الانتخابية. – حظر "تيك توك" و"وي تشات" – ونفّذ ترامب الخميس تهديداته السابقة بحق "وي تشات" و"تيك توك"، التطبيقان الصينيان الرائجان اللذان قال مسؤولون أميركيون إنهما يشكلان تهديدا للأمن القومي. وأصدر أمرا تنفيذيا أمهل فيه الأميركيين 45 يوما للتوقف عن التعامل مع المنصتين، ما يعد فعليا مهلة نهائية لبيع "تيك توك" تحت الضغط إلى شركة "مايكروسوفت". كما أثارت الخطوة الشكوك بشأن مصير عمليات الشركة الأم ل"وي تشات" وهي "تينسينت"، الرائدة في قطاع صناعة ألعاب الفيديو والتي تعد بين أغنى شركات العالم. ودانت الصين القرار الأميركي الذي وصفته بأنه "تعسفي ومناورة سياسية". وتسببت القيود الجديدة بتهاوي أسهم "تينسينت" بنحو عشرة في المئة خلال جلسة تداول الجمعة في سوق هونغ كونغ، ما خفض قيمتها السوقية بنحو 50 مليار دولار. وجاء في الأمر الصادر عن ترامب أن الصين قد تستخدم "تيك توك" لتعقّب مواقع الموظفين الفدراليين، وإعداد ملفات عن الأشخاص لابتزازهم والقيام بعمليات تجسس. ونفت "تيك توك" مرارا أنها تتشارك بيانات مع بكين. ويذكر أن "وي تشات" منصة لتبادل الرسائل النصية والتواصل الاجتماعي والقيام بعمليات دفع إلكترونية تشير تقارير إلى أن لديها أكثر من مليار مستخدم، إذ يفضلها كثيرون على البريد الإلكتروني. وتأتي الخطوات الأميركية الأخيرة في أعقاب معركة طال أمدها بشأن هواوي، المجموعة الصينية العملاقة المتخصصة في شبكات الاتصالات والهواتف النقالة، والتي تتهمها إدارة ترامب بأنها أداة للتجسس. وأعلنت هواوي الجمعة أنها ستتوقف عن إنتاج الشرائح الإلكترونية المستخدمة في الهواتف الذكية التي تشتهر بها جرّاء العقوبات الأميركية. المصدر: الدار- أف ب