حتى الآن، فإن أكثر الخبراء إنصافا في التعامل مع فيروس "كورنا" هم الذين يؤكدون أنه على البشرية أن تتعلم كيف تتعايش طويلا مع الواقع الجديد، وأنه لا ينبغي أن نحلم كثيرا بالقضاء على الفيروس بين ليلة وضحاها. ما يؤكد صواب رأي هؤلاء الخبراء هو أن الفيروس يختفي ويعود، مثل ثعلب ماكر، صحيح أنه يفقد قوته الآن وبالتدريج، لكن لا أحد يدري إن كان سيستعيد قوته قريبا ويصبح أكثر شراسة، لكنه في كل الأحوال قادر على الاختباء والظهور في أي وقت وأي مكان يشاء. بعض البلدان التي كانت أعلنت من قبل تغلبها على الفيروس، مثل إيران وموريتانيا والصين وغيرها، تعود اليوم لتعيد إجراءات التشديد، وسط مخاوف من ظهور موجة ثانية من الفيروس، والأكيد أنه في حال وجود موجة ثانية في كل بلد، فإن ذلك يعني أن هناك موجات أخرى، وأن مسألة التعايش مع الفيروس ستصبح واقعا حتميا لا مفر منه، سواء كان الفيروس في أوج قوته أو في أوهن مراحل ضعفه. في الصين، التي تباهت كثيرا بتغلبها على الفيروس، وسوقت لنفسها كونها نموذجا يحتذى، بدأ الفيروس يطل مجددا بقرونه في عدد من المدن، التي سبق أن أعلنت انتصارها "النهائي" على الفيروس، إلى درجة أن السلطات الصينية أعلنت مؤخرا إغلاقها لأكبر أسواق الخضر في العاصمة "بيجين"، بعد أن قفزت الإصابات على مستوى غير مسبوق. ما حدث في الصين وفي بلدان أخرى، مرشح لكي يظهر في مزيد من البلدان في مقبل الأيام أو الأسابيع، خصوصا مع إجراءات تخفيف الحجر الصحي في عدد كبير من البلدان، خصوصا في أوربا، التي تعتزم العودة بقوة إلى فتح المجال السياحي. ويبدو أن العالم لا خيار له غير أخذ كل ما يلزم من احتياطات الحيطة والحذر، وفي الوقت نفسه محاولة التعيش مع الفيروس، الذي قد يخلق فيروسات أصعب منه بكثير، وهو فيروس الأزمات المالية والاقتصادية، والتي تهدد بتبعات أكبر بكثير من التبعات الصحية للفيروس.