حاورت العقيد الراحل معمر القذافي مرتين، كان ذلك في آواخر الثمانينيات. عندما التقيت العقيد القذافي لأول مرة عام 1988، كان مطلوباً مني يومها تطبيع علاقة متوترة بين ليبيا وصحيفة "الشرق الأوسط" بعد أن أطلق الليبيون تهديدات ضد الصحيفة بسبب تداعيات خلاف بين طرابلس وحركة فتح الفلسطينية، لاحظت أنه حاول التعامل معي بشيء من الاستخفاف، قال يومها متهكماً "أنت سوداني، لماذا أرسلوا لي سوداني؟" أجبت " أنا فخور بوطني لكن وجودي هنا لا علاقة له بالسودان من قريب أو بعيد". كان اللقاء في المرتين مع معمر القذافي في "باب العزيزية" الحصن الحصين الذي كان بمثابة عالم أسطوري لا يعرف الليبيون عنه شيئاً. نعرف أن المواقع العسكرية والأمنية يمنع الإقتراب منها أو تصويرها، لكن الليبيين يقولون إنه كان يمنع عليهم "النظر" الى ذلك الحصن، وإلا تعرضوا إلى "إستجواب" وربما حتى إعتقال . هذا المكان الأسطوري تحول الى منتزه. يقع مجمع "باب العزيزية" جنوب العاصمة الليبية طرابلس، وكان المقر الرئيسي لمعمر القذافي، إلى جانب عدد من الثكنات العسكرية والأمنية الخاصة به، حيث ترابط كتائب كان يقود أغلبها أبناؤه، وأعتبر سقوط ذلك الحصن في 20 غشت عام 2011 النهاية الحقيقية للنظام. أتذكر أن الدخول إليه كان يتطلب إجراءات أمنية إستثنائية. إذ لابد من المرور عبر عدة حواجز، كل حاجز يتبع "كتيبة" من الكتائب المسلحة التي عوضت الجيش الليبي.حالياً تحول المجمع الى ركام. يا لها من تحولات.