مع انطلاق دورته الجديدة شهر أكتوبر القادم، يشرع البرلمان المغربي في التأشير على مشروع القانون المتعلق بإحداث المقاولات الرقمية أو الإلكترونية ومواكبتها، بعدما تصادق لجنة القطاعات الإنتاجية بمجلس النواب على المشروع في قراءة ثانية تحمل العديد من المستجدات في مجال المقاولات الاقتصادية التي تتميز بامتلاكها لهوية رقمية على المنصات الإلكترونية. ويهدف المشروع الذي أعدته وزارة الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي إلى تحسين ترتيب المغرب في تقارير الهيئات الدولية، لا سيما في مؤشر إحداث المقاولة المعتمد من طرف البنك الدولي الخاص بمناخ الأعمال الاقتصادية، وذلك من خلال مراجعة مجموعة من المقتضيات التشريعية المؤطرة لإحداث المقاولات وكذا القانون القاضي بإنشاء المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية. كما يتوخى مشروع هذا القانون أيضا اعتماد الطريقة الإلكترونية كوسيلة وحيدة للقيام بالإجراءات والمساطر المتعلقة بإحداث المقاولات، وذلك بوجوب إيداع جميع العقود والقرارات والقوائم التركيبية ومحاضر المداولات والوثائق وكذا المقررات القضائية، المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، عبر المنصة الالكترونية. كما يهدف إلى إحداث المنصة الإلكترونية لإحداث المقاولات بطريقة إلكترونية. في هذا السياق يقول الباحث في الاقتصاد والحكامة المالية علي قرين، قبل الحديث عن المقاولات الاقتصادية الرقمية، يجب أن نذكر بأهمية هذا الاقتصاد الرقمي المعتمد على نماذح جديدة وحديثة، بعد طفرة المعلومات والويب، وهذا الأمر أحدث تطورا كبيرا على مستوى المعلومات الاقتصادية والمالية، وهو الأمر الذي يتولد من العولمة الاقتصادية مما ينتج نظاما معلوماتيا يعتمد على الطابع الرقمي، ومن هذا المنطلق ظهرت المقاولات الرقمية الاقتصادية، والتي تتميز بربطها مجموعة من العلاقات المتينة مع زبنائها على مستوى المنصات الرقمية الإلكترونية. وأشار المتحدث إلى أن المقاولات تعرف مجموعة من التطورات غير المسبوقة لأنها تعتمد على مجموعة من المحركات الرقمية التي تربط علاقات تجارية وربحية مع العديد من الزبناء، خصوصا وأنها تعتمد على عرض خدماتها بالشكل الذي يتناسب مع احتياجات الزبناء في الظرفية الزمنية الحالية. ومن ضمن أهم النماذج التي تعتمدها المقاولات الرقمية الاقتصادية "نجد النموذج المفتوح التعاوني الذي يساهم في تطور هذه الهويات الرقمية، خصوصا وأن تطور هذه الأخيرة يساهم في تطور التنمية المستدامة إلى جانب المساهمة في التقدم الاقتصادي، الذي يعتبر بدوره عاملا فاعلا في التطور البشري و الانساني، وهذا هو الدليل القاطع على أن هذا المجال يعتبر أكثر المجالات حيوية واستثمارا. في السياق ذاته يضيف الباحث، أن تطور هذه المقاولات الرقمية الاقتصادية يطرح مجموعة من التحديات، التي يمكن إجمالها عموما في الولوج إلى الشبكات الاجتماعية، الأمر الذي يفرض تقنين المعلومات لفرض الأمن الرقمي إلى جانب الحرص على تحقيق الحكامة المالية، في أفق تجنب الآثار السلبية على البورصات والأسواق المالية، وكذلك على المستوى الجبائي والتمويل وسيادة الاقتصاد الربحي القائم على الأمن المعلوماتي الرقمي. وأضاف أن الاستثمار في أسواق المال والاقتصاد وسوق النقد بشكل عام، يعتبر أمرا مهما للغاية، الأمر الذي يفرض تحقيق التعاون بين جميع الدول في أفق تطوير الخدمات الاقتصادية المرتبطة بالمقاولات الرقمية، خصوصا وأن التطورات التكنولوجية التي تتواصل تحدث تغيرات جذرية في مجال التشغيل والأموال وهو الأمر الذي يعتبر المدعاة الأساسية لتوفير مجموعة من الأفكار الجديدة التي بوسعها أن تحدث التوازن الإيجابي في هذا الصدد، إلى جانب توفير منتجات ذات جودة عالية تستجيب لمتطلبات الزبون وتتماشى مع الروح الاقتصادية الرقمية الحديثة الممثلة أساسا في الهوية الرقمية للمقاولات الرقمية، مشيرا إلى أن تقنيات تكنولوجيا الاقتصاد الرقمي لها مجموعة من الانعكاسات على المستهلك وعلى الاقتصاد بصفة عامة، كما أنها تمكن المقاولات الاقتصادية الرقمية من استغلال الفرص، وذلك من أجل الرد على متطلبات السوق الذي يفرض توفير خدمات ذات جودة عالية وفعالية قصوى. يشار إلى أن مشروع القانون السالف الذكر نص على أنه من أجل إنشاء المقاولات بطريقة إلكترونية، تحدث منصة إلكترونية يتولى المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية المحدث بموجب القانون رقم 13.99، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف 1.00.71 بتاريخ 9 ذي القعدة 1420 (15 فبراير 2000)، تدبيرها واستغلالها ومسك قاعدة المعطيات المتعلقة بها، لحساب الدولة، يطلق عليها «المنصة الإلكترونية لإحداث المقاولات بطريقة إلكترونية ومواكبتها»، ويشار إليها في هذا القانون باسم «المنصة الإلكترونية». كما أنه يراد بالمقاولة في مدلول هذا القانون كل شخص ذاتي أو اعتباري يمارس بصفة اعتيادية أو احترافية نشاطا تجاريا طبقا لمقتضيات القانون رقم 15.95 المتعلق بمدونة التجارة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف 1.96.83 بتاريخ 15 من ربيع الأول 1417 فاتح اغسطس 1996. ويطلق عليها «المقاولة الإلكترونية لإحداث المنصات الاقتصادية بطريقة»، ويشار إليها في هذا القانون التنظيمي باسم «المنصة الإلكترونية». كما يراد بالمقاولة في مدلول هذا القانون كل شخص ذاتي أو اعتباري بطريقة إلكتروني يمارس بصفة اعتيادية أو احترافية نشاطا تجاريا طبقا لمقتضيات القانون رقم 15، كما تباشر وجوبا، عبر المنصة الالكترونية جميع الإجراءات القانونية المطلوبة لإحداث المقاولات، والتقييدات اللاحقة المتعلقة بها عبر السجل التجاري، وكذا إجراءات نشر البيانات والوثائق المتعلقة بها المنصة الالكترونية من قبل التشريع الجاري به العمل سواء من طرف المعني بالأمر شخصيا أو بواسطة وكيله الذي يتوفر على وكالة ومن أجل ذلك، يجب أن تودع، عبر المنصة الالكترونية جميع التصاريح والعقود والقرارات والقوائم التركيبية ومحاضر يتم إنجازها من طرف موثق أو محام أو خبير محاسب أو محاسب معتمد.