في اليوم الرابع عشر لإضراب بدأ يهدد عطلة عيد الميلاد، أبدى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء استعداده ل"تحسين" مشروع إصلاح أنظمة التقاعد، وذلك قبيل محادثات جديدة لرئيس الوزراء ادوارد فيليب مع الشركاء الاجتماعيين. وأوضحت الرئاسة الفرنسية أن رئيس الدولة "لن يتخلى عن المشروع"، لكنّه "مستعد لتحسينه، من خلال المحادثات مع النقابات"، ملمّحة إلى إمكانية تحقيق "تقدم بحلول نهاية الأسبوع". وفي ثالث أيام التظاهرات، يلتقي إدوارد فيليب بعد ظهر الأربعاء مسؤولي النقابات وأرباب العمل، في اجتماعات منفصلة يحضرها المكلّف الجديد بملف المعاشات التقاعدية لوران بيترازفسكي. ويتمثّل هدف المفاوضات في إيجاد حل للأزمة التي تشل قطاع النقل العام على نطاق واسع، خاصة في المنطقة الباريسية، منذ 5 ديسمبر. ووفقا للاليزيه، فإنّ ماكرون حدد "الهدف بالحصول على توقف" للتعبئة "خلال أعياد" نهاية العام التي تشهد تقليديا العديد من التنقلات العائلية. ولكن سبق للنقابات أن اكدت التصميم على مواصلة التحركات من دون الدخول في "هدنة" خلال عطل الميلاد التي تبدأ الجمعة. ويقوم التوافق الذي يتطلع إليه ماكرون على "تحسين محتمل" بخصوص سن التقاعد الذي يحدده مشروع الإصلاح عند 64 عاما بدءا من 2027 بدلا من 62 حاليا. وسيتعرض الموظفون الذين يتقاعدون قبل ذلك السن لاقتطاع، فيما سيستفيد أولئك الذين سيقومون بتأخير تقاعدهم من "مكافأة". وكان هذا الإعلان حول سن التقاعد الجديد سببا عن نقل الكونفدرالية الفرنسية الديمقراطية للعمل إلى فريق المعارضين إذ اعتبرت أن هكذا إجراء "غير مقبول". وسبق لأمين عام الكونفدرالية لوران برجيه أن أعلن بأنّ "الأمر واضح بالنسبة إلى الكونفدرالية الفرنسية الديمقراطية للعمل: لا نريد ذلك". وبعد لقائه الشركاء الاجتماعيين، من المتوقع أن يلتقي ادوار فيليب الخميس مسؤولي قطاع النقل في المنطقة الباريسية والشركة الوطنية لسكك الحديد. وفيما الوقت ينفذ، يستمر الإضراب في النقل العام المشترك، وكان التنقل صعبا صباح الأربعاء بالأخص في المنطقة الباريسية. وكانت ثمانية خطوط مترو مغلقة في باريس، بينما سجّل تحرك القطارات بمعدل واحد من ثلاثة أو من أربعة على مستوى البلاد. وإذا كانت غالبية من الفرنسيين تؤيد التحركات بحسب الاستطلاعات، فإنّ عدداً كبيراً من مستخدمي النقل العام بدؤوا يعبّرون عن تعبهم. وقال فرنسوا وهو مدرس يعيش في مرسيليا (جنوب-شرق) لوكالة فرانس برس، "منذ اليوم الأول للإضراب، في 5 كانون الأول/ديسمبر، اتحرّك عند الساعة الرابعة فجراً لتجنب الازدحامات، بينما أعود مساء إلى المنزل بحدود الساعة 21،30. بدأت اتعب". وفي ظل إلغاء غالبية خطوط القطارات، بات يتعين عليه التنقل في سيارته للالتحاق بعمله في مدينة نيم الواقعة على مسافة 120 كلم. من جانبه، اعتبر القيادي النقابي فيليب مارتينيز، أمين عام الكونفدرالية العامة للعمل، أنّ تعبئة الثلاثاء كانت "ناجحة للغاية". وشارك حوالى 615 ألف متظاهر في أنحاء البلاد بحسب السلطات، فيما أشارت الكونفدرالية إلى 1,8 مليون. وإذا كان رئيس الوزراء كرر الثلاثاء "العزم المطلق" على استكمال الإصلاح الذي سبق أن وعد به ماكرون وإقامة "النظام الموحد" للتقاعد الذي سيحل مكان 42 نظاما قائمين، فإنّ إشارات الانفتاح على الحل تتكاثر. ويخطط رئيس الوزراء لإجراء اجتماع "متعدد الأطراف" بعد ظهر الخميس، يجمع عددا من الشركاء الاجتماعيين. وتعد مسألة النظام التقاعدي حساسة في فرنسا، إذ تبقى الكتل العاملة متعلقة بالنظام القائم الذي يعتبر من بين الأكثر حماية في العالم. ويعوّل رافضو مشروع الإصلاح على تراجع شعبية الرئيس ماكرون للخروج منتصرين من النزاع، كما يعوّلون على السياق المتوتر منذ انطلاق تحركات "السترات الصفراء" قبل أكثر من عام. كما أنّ التعويل ايضاً على الاستياء المتنامي في المستشفيات وبين الطلاب وعناصر الشرطة والمزارعين. المصدر: الدار أ ف ب