يوسف في المتحف يتأمل بعض اللوحات التي لم تسرق.... ثمة بياض في أحد جدران المتحف... قال: اليد التي رسمتك أيتها الزهرة المضيئة هي ذات اليد التي أطلقت النار على هذا العقل الجبار.. عقل فان جوخ، وأشار بإصبعه إلى المزارعين والأحذية والكراسي... والطبيعة... إنها ذات اليد التي قطعت بمطواة أذن الرسام.. أف... اليد الأخرى السوداء التي امتدت لسرقتك لاتعرف إلا الأوراق الخضراء والزرقاء والحمراء. سيجني السارق المال الكثير، لكنه لن يعرف من أي معاناة طلع وجهك المشرق بالماء... واللون... والقمح... قال الوزير: " الزهرة لم تعد إلى مكانها...." أجاب يوسف: لكن كم من أزهار لم تعد.. قال الوزير مصححا: زهرة الخشخاش. قال يوسف، وهو يلقي نظرة مديدة على لوحات المتحف: " هل خبر السارق أن الحقول تمنح الحب للشمس، والشمس تمنح الحقول الضوء الذهبي العملاق؟". لاأحد فهم.. لا أحد يريد أن يفهم.. هل سيتدخل أفراد الشرطة لإعادة الزهرة إلى مكانها وإيقاف السارق؟ سأل يوسف. قال الوزير: " الزهرة لم تعد إلى مكانها...." أجاب يوسف: لكن كم من أزهار لم تعد.. قال الوزير مصححا: زهرة الخشخاش. ووضع علامة استفهام كبيرة على أحد جدران المتحف.. ثم خرج.. كان الصحفيون في انتظاره... خرج يوسف من المتحف، وهو يتمتم بكلمات غير مفهومة، تمشى حتى وصل إلى الشاطئ.. قلع حذاءه وجاكتته الرمادية... وقال متسائلا: " ماذا تخبئ أيها البحر من أسرار؟" كانت الأمواج تلامس قدميه الحافيتين المغروستين في رمال الشط، والشمس تشوي جسده وفي البعيد قارب يصارع الأمواج العالية... العالية ويختفي..... يوسف خليل السباعي 23/8/2010