بوح ومن عجيب ما يقع لي أنني أحلمني كلمة "أنا" صغيرة أنتفخ وأنتفخ وأتوالد وأتشتت حتى نبتت بين حروفي ملايير السنين الضوئية. يرفعني الألف إلى سدرة الضوء أشع بين النجوم كما الملائكة .. تغمسني النون في جذر الظلام أسري في الغياهب كما الشياطين. هكذا ألف يرفعني ونون تخفضني حتى أنا كرة بياض سوداء تتقاذفها الأرض والسماء. جريمة مع كل صباح، وقبل مغادرة دفء فراشي، أستل كمشة أحلام من حقيبة نومي. أشحن بها مسدسي .. أبحث عن ضحية جديدة بين دروب هذه المدينة الكافرة بالأحلام.. وكلما كشفني مخبر أطلق عليه حلما واحدا فقط. الحال أو أحكي عن الحلم الذي على البال؟.. كنا عصافير عارية نتفرج على جناحينا المبتورين .. جناح عليه فقهاء في صلاة ليل عافتها السماء، وجناح شلال دم يشربه جنود شهوة النزيف. ثم نبت ريش غريب في دواخلنا فاعتكفنا، بمصفى الرعب، نتضافر أجنحة النجوم تلك، نخيطنا إليها تخيطنا إلينا .. نتخايط، نتلامع خلسة، نتنور باقات شروق حتى طفحت بنا الأرض طوفان طيور النور. الوطن تخيل أنك، وفقا لحلمك، الذي أصاب كبد الاحتمال، استنفذت صلاحيتك كمواطن صالح. تخيل قتلوك أو نفوك، أو مالا تريد معرفته .. تخيل أسعفك حلمك في اختراق مئات التقلبات .. أنك فعلا هناك، في سراديبك، تحكي لحواسك عن ميلاد وطن الباطن، وفظاعات عصر الوطن الحجري البائد الذي كنت من آخر ضحاياه. حمى اليقظة ألهبته حمى أحلام اليقظة في جوف ذلك الليل. فزع إلى مسجد الحي الفارغ .. قرفص في أعلى الصومعة ينظر إلى نفسه ضبابيا تائها في الأسفل .. أنا هناك! أنا هنا! أ ن ا ! . . ل س س س ت أ ن ا ا . . ================== إسماعيل البويحياوي