خلقت التغطية الاستثنائية لقناة ابو ظبي الرياضية للديربي البيضاوي، بين الوداد والرجاء برسم ثمن نهائي كأس محمد السادس للأندية الأبطال، و الذي انتهى بالتعادل اول امس السبت جدلا واسعا في اوساط المتابعين والمهتمين بالشأن الإعلامي والرياضي بالمغرب .
التغطية المتفردة والتاريخية التي خصصتها القناة للدربي ، واستبقته بأربعة عشر فيلمًا توثيقيا وعشرات اللقاءات الحصرية مع الخوض في التاريخ الرياضي والسياسي والثقافي للبلد ، تبدو عادية للبعض بالنظر الى ان القناة لديها حقوق تغطية كأس محمد السادس ، ومرتبطة باستراتيجية تواصلية حديدة ، غير ان الكثيرين طرحوا السؤال : ماذا تريد الإمارات من المغرب ؟
في الواقع هناك مجموعة من الأمور استند عليها طارحو هذا السؤال ، لعل أبرزها الأزمة الصامتة التي طفت على السطح بين الرباط وأبو ظبي عندما تفاجأ الحميع بمغادرة السفير الإماراتي على سالم الكعبي للمغرب في الأسبوع الثاني من أبريل الماضي ، بسبب ما قيل إنه أمر سيادي عاجل، وفق ما نقلت تقارير إعلامية يومها وما أعقبه من إشارات وتحليلات ذهبت إلى ان العلاقة بين البلدين ليست على ما يرام منذ اندلاع الأزمة الخليجية قبل سنتين.
شخصيا أٌعجبت بالتغطية الإعلامية للديربي، لأسباب عديدة منها أن الفريق الذي سهر على الإعداد والنقل مغربي خالص، واستحق التنويه من الجميع كما أن مثل هذه التحولات المهنية تساهم في البناء البيني اكثر مما تفرق، وسيكون من الجميل لو عاد العرب الى سابق عهدهم، ك''الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر''.
ومن الأجوبة الممكنة على السؤال الذي سبق ذكره، هو تغريدة حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم والتي جاءت متزامنة مع الديربي يوم السبت 2 نونبر 2019، والتي قال فيها: الاخوة والأخوات .. نطلق اليوم مشروعاً وطنياً جديداً ... هدفه نقل قصة الامارات للعالم .. مشروع الهوية الإعلامية المرئية لدولة الامارات .. هوية إعلامية جديدة .. تعبر عن تفردنا وتميزنا وقيمنا وقصة دولتنا ... ونعبر فيها نحو مستقبل متجدد ...
الاخوة والأخوات .. نطلق اليوم مشروعاً وطنياً جديداً ... هدفه نقل قصة الامارات للعالم .. مشروع الهوية الإعلامية المرئية لدولة الامارات .. هوية إعلامية جديدة .. تعبر عن تفردنا وتميزنا وقيمنا وقصة دولتنا ... ونعبر فيها نحو مستقبل متجدد ... pic.twitter.com/7zQGJPLJWR — HH Sheikh Mohammed (@HHShkMohd) November 2, 2019
مباراة الديربي اذا يمكن ان تكون مدخلا لترسيخ الهوية المرئية الجديدة ، لدولة الإمارات إعلاميا، هي ايضا للتموقع عربيا في ظل منافسة من قنوات بين سبورتس القطرية ،لتي كانت تسمى الجزيرة الرياضية، وكانت سباقة الى النقل الحصري للعديد من المنافسات الرياضية على مدى سنوات وشدت الانتباه للدوحة.
وهي ايضا ليست بمعزل عن التحولات السياسية الإقليمية ، والأزمة الخليجية الأخيرة والتنابز الإعلامي الذي لا تخطئه عين المشاهد العربي، بين القنوات في البلدين حيث ينقله جهاز التحكم عن بعد ''ريموت كنترول'' من موقف لآخر بضغطة زر .
هذا التدافع الإعلامي الرياضي، وقبله السياسي بين دولتين خليجيتين ''شقيقتين'' جميل لكنه، يدفعنا لطرح اسئلة أخرى اكثر الحاحا، عن الهوية الإعلامية المغربية فأين هي ؟ الم يحن بعد أوانها ؟ وهل المشكل تمويلي محض ام مشكل ارادة ؟، خاصة وأن الأطر المغربية تملأ القنوات العربية ، وهي من أشرفت على نقل الديربي المبهر على قناة ابو ظبي.
ففي المغرب لدينا إمكانات وارشيف وتاريخ وأعلام، فهل يسعى المسؤولون عن القطاع الإعلامي حقيقة إلى العمل على هذا هويتنا المرئية الإعلامية عربيا أم ننتظر ديربيا جديدا وقنوات أخرى ولو بعد حين ؟ .