بعد تقديم سعد الحريري لاستقالة حكومته يوم أمس (الثلاثاء 29 أكتوبر 2019)، تحت ضغط الشارع، دخلت "انتفاضة 17 تشرين الأول" في لبنان مرحلة جديدة من الشد والجذب مع النظام في البلد. إذ تجاوزت توصيف "الحراك" لتفوز بعنوان "الثورة"، وفق المعنى الذي يلخصه لنا الكاتب والروائي إلياس خوري: "الحراك يصح إطلاقه على تحركات شعبية مطلبية محدودة. ومع الانتفاضة، بدأت الفئة الحاكمة تتداعى... ولم يبقَ في الميدان سوى الدولة الأمنية العميقة التي ورثها حزب الله، فصار السيد نصر الله هو المدافع الوحيد عن حكومة الفراغ، وأعادنا إلى خطاب السفارات والاتهام بالعمالة". أما الباحث والمترجم اللبناني فادي ملحم في تصريح خص به "الأيام 24" فيشرح أن "إسقاط الحكومة لم يكن الإنجاز الأول ل"انتفاضة 17 تشرين"، إذ "سبقه بساعات إنجاز سياسي بعيد الأثر، وهو "إسقاط" أصبع الترهيب أيضاً"، في إشارة واضحة إلى خطاب نصر الله الأخير. وتحدي الترهيب الذي قامت مجموعات شيعية مسلحة بالهراوات، مسخرة ضد المتظاهرين في ساحة الشهداء وعلى "جسر الرينغ" في العاصمة اللبنانية. بخصوص الجردة الأولى لحسابات الربح والخسارة الآنية في جانب السلطة والنظام، أوضح الأستاذ بالجامعة اللبنانية والناشط السياسي وسام سعادة ل"الأيام 24": أن "الخاسر الأكبر حتى الآن هو جبران باسيل أكثر من الحريري". مضيفا أن "الحريري ما زال بإمكانه أن يشكل عصبة برجوازية صغيرة تظلمية حوله". مؤكدا أن زعيم تيار المستقبل "لا يزال يتمتع بالافضلية". وبشأن جبران باسيل، رئيس حزب التيار الحر ووزير الخارجية وصهر الرئيس ميشال عون، فعبر فادي ملحم عن سقوط باسيل في الاستفزاز. بل إن "استفزازيته طافحة"، في مقابل الجانب الحبوب عند الحريري"، مشيرا إلى "الانشقاق داخل عائلة الجنرال عون نفسها، والاحتقان مع قائد الجيش". وفيما يتصل بخلفية جانب من المنتفضين، أوضح وسام سعادة أن "خلفية معظم المنتفضين في المناطق المسيحية هم من خلفية عونية أو عونية سابقة وليس قواتية (سمير جعجع)، وهو ما أساء حزب الله فعلا فهمه، كل هذا يجعلانه بحكم المنتهي اليوم". وحول سؤال إمكانية عودة الحريري لتشكيل حكومة جديدة، صرح سعادة: "اذا كان الحريري سيحاول إعادة شحن بطاريته بالتعاطف والتظلم والمقارنة بسواه على الساحة السنية ويستفيد من صعوبة المرحلة الانتقالية التي بدأت باستقالته، فإن باسيل سيحاول الآن، ان يتصرف بشكل.. شمشوني". وختم وسام سعادة ضاحكا :"لكن باسيل ليس شمشونا. والعياذ بالله". في إشارة إلى شخصية أسطورية اشتهرت بالقوة الهائلة.