دخل المغرب على خط أزمة "مضيق هرمز"، التي تعرف تصاعد التوتر، خاصة بعد سلسلة من الحوادث مع ناقلات أجنبية، والتي يلقي الغرب باللوم فيها على إيران بعد احتجازها الناقلة "ستينا إمبيرو" في مضيق هرمز، فيما بدا أنه رد على احتجاز بريطانيا لناقلة إيرانية، قبلها بأسبوعين. وجاء تدخل المغرب، على لسان وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، الذي أكد، الثلاثاء، أن المغرب يدعو إلى احترام حرية الملاحة البحرية بمضيق هرمز. وأضاف بوريطة، خلال لقاء صحفي مشترك، عقب مباحثاته مع وزير الشؤون الخارجية وغينيي المهجر، مامادي توري، الذي يقوم بأول زيارة له للمملكة منذ تعيينه، أن "المغرب يتابع، بقلق التطورات الأخيرة، ويدعو إلى احترام حرية الملاحة البحرية بمضيق هرمز، واحترام القانون الدولي وقواعد الملاحة البحرية، التي لا ينبغي أن تتعرض لأي إكراه أو تدخل". وشدد على أن "الأمر يتعلق بمنطقة تحت الضغط، حيث توجد توترات عديدة. نعتقد أن حس المسؤولية يجب أن يسود، وأنه يجب احترام حرية التنقل والملاحة البحرية". وأشار إلى أن "المغرب، على غرار كل البلدان، منشغل بتصاعد التوتر في مضيق هرمز خلال الأسابيع الماضية. موقف المغرب نابع من صفته كعضو بالمنتظم الدولي وأيضا بصفته بلدا تجمعه روابط خاصة مع منطقة الخليج". ويرى مراقبون، أن رسالة المغرب، بخصوص التطورات الأخيرة في "مضيق هرمز"، ترتبط بمبادئه التي أصبحت واضحة حتى بالنسبة لبلدان الخليج، وهي عدم التورط في النزاعات الإقليمية التي قد تعرفها المنطقة واتخاذ نوع من المسافة بينه وبين ما يجري من أحداث رغم اهتمامه بها. وتعليقا على الأحداث، أكد أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، تاج الدين الحسيني، أن بيان المغرب بخصوص التطورات الأخيرة في "مضيق هرمز"، لم يذكر إيران بالاسم على أنها تعرقل أي شيء كان، بالإضافة إلى ذلك لم يظهر البيان أي تضامن واضح وصريح مع أي من بلدان المنطقة، لكنه جاء بصيغة عضو في الأممالمتحدة يستفيد من الامتيازات التي توفرها مضايق الدولية وحرية الملاحة في هذه المضايق، وبالتالي يعتبر أن المساس بحرية الملاحة يشكل خطرا على السلم والاستقرار الدوليين، كما يطالب كل الأطراف بدون استثناء بأن تلتزم جانب الحيطة والحذر مما لا تحمده عقباه". وعبر الحسيني، في تصريح ل"الأيام24"، عن اعتقاده "أن هذا الموقف الذي عبر عنه المغرب جاء نابعا من الخطورة ما يجري في المنطقة اليوم، بحيث عملية التصعيد بلغت حدودها القصوى وأصبحنا قاب قوسين أو أدنى من تدخل أمريكي بريطاني في مراحل جد متقدمة، خاصة بعدما أسقطت إيران طائرة أمريكية مسيرة، وبعدما قامت الولاياتالمتحدةالأمريكية من جانبها بإسقاط بنفس الوضعية، علما أن الطرفين يعبران عن كون الطائرة التي تم إسقاطها خرقت قواعد الملاحة الجوية وتجاوزت الأمتار المحددة لها". وأضاف "أن هذه الأزمة التي انطلقت بهذه الطريقة جاءت متبوعة بنقل قوي لمقاتلات أمريكية وصواريخ باتريوت، وحاملات الطائرات بل حتى السفن التي على شكل مصحات متنقلة، تم نقلها إلى عين المكان وهذا يعبر عن خطورة شبح الحرب، ربما في الأيام المقبلة، خاصة وأن الولاياتالمتحدةالأمريكية قد تتحالف مع بريطانيا ضد على الإرادة الأوروبية التي حاولت إنشاء قوة لمراقبة حرية الملاحة في المنطقة. وتسعى الولاياتالمتحدة إلى إنشاء تحالف دولي يهدف إلى مواكبة السفن التجارية في الخليج لكن لا يبدو أن المشروع يجتذب دولا كثيرة، إذ إن عددا من حلفاء واشنطن يبدون حريصين على عدم الانجرار نحو صراع مفتوح في المنطقة. بدورهم، يريد الأوروبيون حماية الملاحة البحرية في الخليج لكن من دون المشاركة في سياسة "الضغوط القصوى" على إيران التي يتبعها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خصوصا أن هم يسعون للحفاظ على الاتفاق الموقع معها في فيينا عام 2015. في هذا الصدد، يعتبر الحسيني، أن إيران من جانبها لن تتوقف هي الأخرى، بل لحظنا في تصريحات مسؤولين إيرانيين، بأن إيران هي التي تضمن أمن حرية الملاحة في مضيق هرمز، بحكم أن لديها حوالي 1500 كيلومترا وأنها ربما تنسق مع عمان ومع روسيا ودول أخرى، لضمان أمن هذه الحرية في مضيق هرمز، وبالتالي هناك تعارض وأصبحنا نلاحظ أننا سندخل في المستقبل القريب مرحلة سياسات التحالفات والمحاور، وهي أخطر ظاهرة يمكن أن تعرفها المنطقة، ما قد ينذر حتى بحرب عالمية، التي تبقى بعيدة المنال في المرحلة الراهنة، ولكن تدهور وتصعيد يمكن أن يعرف حدوده القصوى في المستقبل القريب. وأشار الحسيني، إلى أنه بالنسبة للمغرب، أي إغلاق لمضيق هرمز أو عرقلة حرية الملاحة فيه، قد ينعكس سلبيا على مصالحه الحيوية، باعتبار أن الرباط مستورد أساسي للبترول والغاز الطبيعي الذي يأتي نسبة كبيرة منه من هذه المنطقة. وتشهد المنطقة توترا متصاعدا بين الولاياتالمتحدةالأمريكيةوإيران، والتي تفاقمت كثيرا بعد سلسلة هجمات استهدفت ناقلات للنفط في الخليج وقيام ايران بإسقاط طائرة أمريكية بدون طيار فيما فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المزيد من العقوبات على إيران.