من المؤكد أن الكثيرين لاحظوا غياب وزير الداخلية عبد الوافي الفتيت عن المشهد العمومي، و السبب يعود إلى كونه يعاني من مشاكل صحية حادة. الفتيت يوصف كونه أحد أقوى وزراء حكومة سعد الدين العثماني، بسبب كاريزميته، فهو من كان يمسك بكل الملفات الثقيلة و الحارقة، فأشرف على تدبير إشكالية الأساتذة المتعاقدين، و هو نفسه من دبر ملف حراك الريف، ثم استطاع أن يقنع المركزيات النقابية بالعرض الحكومي، الذي وصفته الحكومة ب "التاريخي"، ناهيك على كونه يحظى بثقة كبيرة من دار المخزن.
فبحسب المعلومات المتوفرة فعبد الوافي الفتيت يعاني من مشاكل كبيرة على مستوى القلب، مما اضطره إلى التنقل مؤخرا خارج أرض الوطن لإجراء عملية جراحية وصفت ب "الضرورية و المستعجلة"، كما نصحه الأطباء بعدم الاجتهاد و الدخول في فترة طويلة من النقاهة، ليغيب بذلك عن المشهد العمومي منذ يوم الأربعاء 17 أبريل الماضي، يومها أصيب بوعكة صحية، ليتم نقاه بداية على وجه السرعة إلى مستشفى الشيخ زايد بالرباط، قبل أن ينتقل بعدها إلى خارج أرض الوطن، علما أنه تخلف عن حضور الاجتماع الوزاري الأخير الذي ترأسه الملك بالقصر الملكي بالرباط حول إشكالية الماء، و ناب عنه الوزير المنتدب نور الدين بوطيب.
وأمام هذا الوضع، لا حديث في الصالونات السياسية في الرباط سوى عن إمكانية إجراء تعديل حكومي، و سيكون عبد الوافي الفتيت على رأس الوزراء الذين سيتم استبدالهم بسبب المشاكل الصحية، رغم أن رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، عند حلوله ضيفا على بيت الصحافة في طنجة، الأحد الماضي، كان مصرا على أن لا نية في إجراء أي تعديل حكومي، و أنه "لحد الساعة لم يتخذ أي قرار سياسي في هذا الموضوع"، ومما قاله أيضا: "... المهم هاذ الساعة أنه لا يوجد أي قرار أو بداية تحاور في مسألة التعديل الحكومي".
غير أن سعد الدين العثماني لم يستبعد في مقابل ذلك إمكانية إجراء تعديل حكومي في هذه الفترة، مشيرا إلى أن "التعديل الحكومي ليس بطابو.. ونهار تكون المقدمات موجودة غادي نمشيو ليه".
كل شيء إذن يقف عند ما سيقوله الأطباء لعبد الوافي الفتيت بخصوص حالته الصحية، و إذا تبث أن الرجل القوي في حكومة سعد الدين العثماني لن يستطيع أن يرهق نفسه في معالجة الملفات الحارقة لوزارة الداخلية، بنفس الكاريزما و الصرامة المعروف بها، فمن المؤكد أنه هو نفسه سيطلب إعفائه. حيث يتم الترويج من الآن لعدد من الأسماء لتعويضه.
التكهنات، بعض منها يخرج من مقر وزارة الداخلية نفسها تقول أن المرشح (ة) رقم واحد لخلافة عبد الوافي الفتيت هي زينب العدوي، التي كانت أول والية في تاريخ المغرب و العالم العربي، و هي اليوم تشغل منصبا كبيرا في دواليب وزارة الداخلية، بعدما تم تعيينها في منصب المفتش العام لوزارة الداخلية، إلى درجة أن الجميع يردد أنها هي التي تشغل الرقم 2 في هذه الوزارة العتيقة.
وكانت الكثير من الجهات قد روجت في أكثر من مرة إلى أن زينب العدوي يتم إعدادها ليتم تعيينها في وقت لاحق كوزيرة للداخلية، بعدما تدرجت في دواليبها، حتى تصبح أول امرأة في العالم العربي تحضى بهذا المنصب الكبير و يكون بذلك السبق مغربيا، غير أن هذا "الحلم" لن يتم، بعدما ضمت تشكيلة الحكومة اللبنانية الجديدة التي أعلن عنها رئيس الوزراء سعد الحريري، تعيين ريا حسن وزيرة للداخلية، لتكون أول سيدة تشغل هذا المنصب الذكوري في العالم العربي.
اسم آخر يتم تداوله أيضا بقوة و هو الوالي محمد اليعقوبي، الذي عرفه المغاربة كوالي لطنجةالحسيمةتطوان إبان حراك الريف، قبل أن يتم تعيينه والي للرباط سلاالقنيطرة في الحركة الأخيرة للولاة و العمال. ليبقى المستقبل رغم كل هذه التكهنات رهينا بتطور الحالة الصحية لعبد الوافي الفتيت.