بعد أن نص قانون الموازنة (المالية) الأمريكي لعام 2019، الذي اعتمده مجلسا الكونغرس (النواب والشيوخ)، قبل أيام، وصادق عليه الرئيس دونالد ترامب، على أن الدعم المالي المخصص للمغرب يشمل الأقاليم الجنوبية، تحت السيادة المغربية، حاول كثيرون إظهار هذا الدعم المالي الذي يحترم السيادة المغربية على الصحراء كما لو أنه تحقق لأول مرة، فيما الوقائع الرسمية تؤكد أن هذا الدعم المالي المنصوص عليه أخيرا حافظ على مكسب تاريخي للرباط، حيث دأب الرؤساء السابقون للولايات المتحدةالأمريكية على اتخاذه. نقطة التحول في هذه القضية بدأت عندما حاول اللوبي الداعم "للبوليساريو" داخل دواليب الإدارة الأمريكية ضرب مصالح المملكة، من خلال موافقة مجلس النواب الأمريكي على مشروع قانون سابق لا ينص على إمكانية استعمال المغرب للمساعدات المالية الأمريكية المقدمة لتنمية الأقاليم الجنوبية، قبل أن يتم التراجع عن ذلك باتفاق مجلسي الكونغرس والرئيس ترامب على اعتبار جهة الصحراء جزءا لا يتجزأ من المملكة.
وهذا التحول، برأي مراقبين، يعكس في الحقيقة نجاح الدبلوماسية المغربية في إحباط مناورات كادت تسقط مكسبا تاريخيا للمملكة في بلاد العم سام.
وسنويا كان قانون الموازنة الأمريكي، يخصص دعما ماليا للمغرب يشمل كل ترابه، لكن المناورات الأخيرة للبوليساريو لدفع المؤسستين التنفيذية والتشريعية الأمريكيتين إلى استثناء الأقاليم الصحراوية من الدعم المالي الموجه للرباط، هو الذي جعل استمرار المكسب المغربي "انتصارا في حد ذاته"، وهو الذي يفسر خروج وزارة الشؤون الخارجية للتنويه بالموقف الأمريكي، حيث أبزرت أن "السلطتين التنفيذية والتشريعية الأمريكيتين، اللتين يمثلهما على التوالي الرئيس ومجلسا الكونغرس، تتفقان بذلك على اعتبار جهة الصحراء جزءا لا يتجزأ من المملكة، وعلى تمكينها من الاستفادة من اعتمادات التعاون على قدم المساواة مع باقي جهات المملكة".
وبالعودة إلى قانون الموازنة الأمريكي، نجد في فصله الثالث تنصيصا على أن الأموال المخصصة للمملكة المغربية متاحة للتعاون في الصحراء، وهو ما ينهي الجدل الذي راهن عليه خصوم المغرب طيلة الأشهر الماضية حول ما راج بخصوص استبعاد الصحراء من الدعم، خاصة بعد سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب الأمريكي في انتخابات نونبر الماضية.
كما تضمن الفصل ذاته وصف مقترح الحكم الذاتي بالصحراء بأنه "جدي وذو مصداقية وواقعية"، وهو الوصف الذي دأبت عليه الإدارة الأمريكية منذ عهد إدارة بيل كلينتون مرورا بجورج بوش وباراك أوباما.
في مقابل ذلك، وجهت الإدارة الأمريكية في قانون موازنتها الجديد "تحذيرات" إلى البوليساريو بخصوص التلاعب في قضية المساعدات الدولية، وذلك من خلال التنصيص على ضرورة أن "يرفع، بعد التشاور مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وبرنامج الأغذية العالمي، تقرير إلى الكونغرس حول التدابير المتخذة لتعزيز مراقبة تسليم المساعدات الإنسانية الموجهة إلى اللاجئين في منطقة شمال إفريقيا"، في إشارة واضحة إلى سكان مخيمات تندوف.
واعتبرت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون، في تعليقها على هذه المقتضيات، أنها تشير إلى عمليات التحويل والتهريب الثابتة والموثقة، التي تتعرض لها المساعدات الدولية الموجهة إلى سكان هذه المخيمات.