تتواصل احتجاجات أصحاب السترات الصفراء بشكل أكثر سخونة في باريس الباردة، للأسبوع الثالث على التوالي وسط صمت للإليزي، كسرته قصاصة رسمية تفيد بأن إدوار فيليب رئيس الوزراء الفرنسي سيعلن اليوم تعليق الضرائب على الوقود التي يفترض أن تبدأ في يناير العام المقبل، مع إمكانية الحوار مع حركة "السترات الصفراء" التي أعلنت الحركة أنها لن تشارك في الاجتماع "لأسباب أمنية". فلماذا صمت ماكرون حتى الآن، وهل تنجح المقاربة الأمنية في كبح جماح الغاضبين قرب الشانزي ليزي.
مصطفى طوسة الإعلامي المغربي والمحلل المقيم في باريس، عتبر أن الصمت المطبق الذي لزمه، امانويل ماكرون منذ عودته من الأرجنتين رغم عشقه للظهور الإعلامي والتواجد على شبكات التواصل الاجتماعي، يشكل ظاهرة غير مسبوقة تنم عن مأزق سياسي خطير تعيشه ولاية الرئيس أيمانويل ماكرون.
وأضاف طوسة في حديث للأيام24 أن صور المواجهات بين قوى الأمن التي بينت بحسب تعبير البعض في الصحافة الفرنسية والدولية مظاهر تمرد وانتفاضة، طرحت على ايمانول ماكرون تحديات قوية للخروج الازمة وإطفاء لهيب الاحتجاجات.
وكشف المتحدث ذاته أن هناك تحديات تواجه الحكومة الفرنسية، ابرزها التحدي الأمني، حيث استغلت المعارضة مشاهد العنف لانتقاد المقاربة الأمنية التي اتبعتها الحكومة والتي أظهرت عن إخفاقاتها وفشلها.
أما التحدي الثاني وفق الإعلامي المغربي، فقد طال المعالجة السياسية. فمنذ أن اندلعت هذه الأزمة رفض ايمانول ماكرون ورئيس حكومته أي تراجع عن مقاربتهم الضريبية وأصروا في خرجاتهما الإعلامية أن يتبنوا لغة الحزم وعدم التراجع والإبقاء على هذه السياسة الضريبة. وجاءت أحداث السبت الماضي والضغط الذي مارسته اقطاب المشهد السياسي الفرنسي على ايمانويل ماكرون فتمخض عن تراجع ملحوظ حيث تم الإعلان عن تعليق زيادة الضرائب عن الوقود في خطوة أريد منها ان تكون مؤشر تهدئة وعربون تنازل وتغيير في السياسات المتهمة بإثقال كاهل الطبقات الفقيرة والمتوسطة بعبء الضرائب.
وتتساءل الأوساط الفرنسية، هل تنجح هذه الخطوات التي اتخذتها حكومة ادوار فليب في نزع فتيل الازمة واقناع حركة السترات الصفراء بالبقاء في منازلهم وعدم النزول إلى الشارع السبت المقبل؟
هذا التساؤل يواجه بحسب مصطفى طوسة شكوكا كبيرة انطلاقا من ظاهرة مقلقة للراي العام الفرنسي تبين ان حركة السترات الصفراء منقسمة على حالها بين مكون معتدل يريد التفاوض مع الحكومة والتوصل إلى حل يرضي الجميع، وبين مكون راديكالي يطالب باستقالة الرئيس ايمانول ماكرون و خروجه من المشهد السياسي كشرط أساسي قبل التخلي عن منطق هذه الاحتجاجات. وهو ما أكده إلغاء اللقاء الذي كان منتظرا بين رئيس الحكومة ولجنة ممثلة لحركة السترات الصفراء.
وخلص المتحدث إلى أن فرنسا تشد أنفاسها في انتظار السبت المقبل الذي يتمنى الجميع أن يكون اقل عنفا وهيجاناً وخرابا من السبت الماضي. مع شعور حاد بان ايمانول ماكرون يعيش أحرج فتراته السياسية منذ بداية الولاية.