"فتوى شرعية" في المغرب، تجيز الاقتراض الربوي (من بنوك تجارية)، لشراء أضاحي العيد، فجرت جدلا واسعا بالمملكة خصوصا بين العلماء والدعاة. الجدل طفا مؤخرا، عندما نشر الحسن السكنفل، رئيس "المجلس العلمي المحلي" لمدينة تمارة ، مقطع فيديو، اعتبر فيه أن "الضرورة الاجتماعية"، تعتبر مبررا شرعيا للإفتاء بجواز الاقتراض من البنوك، من أجل إقامة سنة مؤكدة من سنن الإسلام، في إشارة لعيد الأضحى.
وأضاف "السكنفل"، أن القروض البنكية تعتبر "محل خلاف بين فقهاء الإسلام".
كما رأى أنه "لا بد حتى لمن يذهب إلى تحريم هذا الاقتراض، الأخذ بعين الاعتبار البعد الاجتماعي لشعيرة الأضحية في المغرب، ومراعاة الاضطرار الواقع على رب الأسرة".
واعتبر أن "الاضطرار" يعد مبررا للاقتراض، مستشهدا بقول الله تعالى "فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه".
الفتوى، فجرت جدلا واسعا في المملكة، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، ودفعت عددا من الدعاة والمختصين في الدراسات الإسلامية إلى استنكارها، بل إن البعض رأى فيها "جعل المحرم حلالا".
مصطفى بنحمزة، رئيس "المجلس العلمي" لمدينة وجدة ، رفض في تصريحات إعلامية فتوى السكنفل، قائلا إن "الله لا يعبد بالحرام".
أما عبد الواحد الحسيني، أستاذ الدراسات الإسلامية ب"الكلية المتعددة التخصصات" بمدينة الرشيدية، فاعتبر أن "القول بجواز شراء الأضحية بالدين الربوي ليس له ما يبرره شرعا".
ولئن يأخذ الفقه المالكي المتبع في المغرب، العادات الاجتماعية والأعراف بعين الاعتبار عند إصدار الفتاوى، فإن ذلك مرتبط، بحسب الحسيني، بعدم مخالفة هذه الأعراف للنص القرآني الواضح.
وعن حالة الضرورة التي برر فيها مطلق فتوى إباحة "الاقتراض الربوي"، شدد الحسيني، في حديث للأناضول، على أن "الانتفاع بالمحرم لا يجوز إلا في حالة الاضطرار، الذي إذا فاتت على المكلف فاتته حياته مثلا".
وأوضح الحسيني، أن "أضحية العيد سنة مؤكدة وليست فرضا، وهذا ما يخرجها من باب الضرورات التي يمكن معها مخالفة الدليل وتجاوزه".
وشدد على أن "القرض الحسن أو الاستدانة بدون فائدة، هي أيضا لا يصح اللجوء إليها من أجل شراء أضحية العيد، إلا إذا كان لدى المستدين مداخيل تمكنه من الوفاء بهذا الدين، مثل التاجر الذي ينتظر نفاد تجارته مثلا".
ويولي الشعب المغربي أهمية كبيرة للأضحية في العيد، حيث لا يكاد يخلو بيت يوم العيد من الأضحية.
وتشير تقديرات وزارة الزراعة، إلى أن الطلب على الماشية خلال عيد الأضحى، يصل إلى 5 ملايين و430 ألف رأس غنم.
ووفق الحسيني، فإنه، ولئن يحرم الفقر العديد من العائلات من ذبح الأضاحي، فإن البدائل التي يمكن من خلالها معالجة هذا "الخلل" ممكنة دون اللجوء إلى القروض الربوية.
واعتبر أن من بين هذه البدائل، قيام المؤسسات الرسمية والأهلية بالعمل على تقليص الفجوة بين الفقراء والأغنياء، ورعاية مصالح الفقراء يوم العيد .
كما أن إشاعة ثقافة التكافل والتضامن ومراعاة الفقراء يعتبر أيضا مدخلا لحل مثل هذه الأمور.
وختم بالقول: "أما أن يتم ارتكاب محرم من أجل ما اصطلح عليه بالضرورة الاجتماعية، فما جعل الله في حرام تقربا إليه".