Getty Images"ما يحدث الآن في الولاياتالمتحدة تجاوز حدود المفترَض؛ وبعد أن كان الترحيل يتطلب إجراءات قانونية بعينها، فقد تجاوزت إدارة ترامب كل هذه الإجراءات من أجل تسريع وتيرة إخراج الناس من البلاد". في جولة الصحف لهذا اليوم نتعرّض لقضية المهاجرين في الولاياتالمتحدة ومعاناتهم في ظل الإدارة الأمريكية الراهنة. ونبدأ من مجلة نيوزويك الأمريكية، والتي نشرت مقالا بعنوان "هل يمكن أن تتعرّض للترحيل؟"، للكاتب ماثيو بواز، أستاذ القانون بجامعة كنتاكي. واستهل ماثيو حديثه بالقول إن إدارة ترامب تبرهن على حيازتها سُلطة لا محدودة على صعيد إخراج أي شخص لا ترغب فيه من الولاياتالمتحدة، دون أن يكون هناك سبيل لإنصاف هذا الشخص. ولا يقتصر الأمر على الإخراج من البلاد، بل إن إدارة ترامب، بحسب الكاتب، تسعى إلى إبرام صفقة مع دولة أجنبية لسجن هؤلاء الذين تقضي عليهم بالخروج من الولاياتالمتحدة. "عِلماً بأن هذا السجن في بلد المنفى هو غير مُحدّد المدة، وإن كان هنالك خطأ؟ وحدث أنْ أقرّت به الإدارة الأمريكية، فإنها تقول ببساطة إنه ليس لديها أيّ سلطة لإعادة ضحايا هذا الخطأ"، وفقاً لصاحب المقال. "قد يتبادر إلى ذهن القارئ أن هذا الكلام مبالغٌ فيه" بحسب ماثيو، ويقول "أنا أتمنى لو كان ذلك صحيحاً؛ فمن المفترَض أن يتمتع المواطنون الأمريكيون بالحماية من الترحيل، لكن ما يحدث الآن في الولاياتالمتحدة تجاوز حدود المفترَض؛ وبعد أن كان الترحيل يتطلب إجراءات قانونية بعينها، فقد تجاوزت إدارة ترامب كل هذه الإجراءات من أجل تسريع وتيرة إخراج الناس من البلاد". "الإخفاء في ثُقب أسود" وتقول إدارة ترامب إنها "قد ينتهي بها الحال إلى إرسال مواطنين أمريكيين بشكل دائم إلى سجن في جمهورية السلفادور"، وبذلك يشير الكاتب إلى تصريحات ترامب في الإسبوع الماضي التي قال فيها إنه يرغب في إرسال "المجرمين الأمريكيين" إلى سجن سيئ السمعة في السلفادور، وذلك خلال لقائه مع الرئيس السلفادوري نجيب بوكيلة في المكتب البيضاوي، ويضيف مقال "نيوزويك" : إن إدارة ترامب إذْ ذاك تنفي مقدرتها على استعادة أيّ من هؤلاء المواطنين بعد ترحيلهم". ويرى صاحب المقال أن ترامب دأب على اختبار حدود الدستور الأمريكي: مقترحاً مرّةً أنّ بإمكانه أن يُنهي حق المواطَنة للمولودين في الولاياتالمتحدة؛ ومتحدثاً مرّة أخرى عن فترة رئاسية ثالثة؛ ومحاولاً مرّة ثالثة توسيع نطاق تطبيق قوانين الهجرة ليطال كلّ مَن يعتبره غير مرغوب فيه. * خلافاً للدستور، ترامب يرجّح ترشحه لولاية ثالثة، وأنصاره يقترحون "الخلافة" ونوّه الكاتب إلى أن إدارة ترامب، في الأسبوع الماضي، "انتهكت سيادة القانون مجدداً"، عندما قررت أن تُنهي الضمان الاجتماعي لآلاف المهاجرين الذين يقيمون بشكل قانوني في الولاياتالمتحدة. ولفت ماثيو إلى أن "ذلك كله بدأ باستهداف المهاجرين، لكن نطاق الاستهداف أخذ في الاتساع؛ فلم يعُد يقتصر على المهاجرين الذين لا يحملون وثائق أو أولئك المدانين بارتكاب جرائم". و"بينما تصرّ الحكومة الأمريكية على أنها تتعقّب الإرهابيين وأفراد العصابات، فهي في المقابل لا تقدّم دليلاً؛ فثمة أشخاص يلتزمون بالقواعد ومع ذلك جرى القبض عليهم من قِبل رجال ملثّمين في سيارات لا تحمل أي علامات، وأُخذوا إلى سِجن يبعد آلاف الأميال عن ديارهم"، بحسب الكاتب. ورأى صاحب المقال أن تلك السياسيات دفعت لتخوف "بعض الهامات القانونية، كقضاة المحكمة العليا الأمريكية"٬ من أن يصبح الأمريكيون أنفسهم عُرضة لأن يؤخذوا من الشوارع ويُشحنوا في طائرات باتجاه سجون في بلاد أجنبية دون حتى أن يحصلوا على فرصة للمحاكمة، وهو ما يصفه المقال بأن "تجريد المواطنين المتجنسين من جنسيتهم، وإخفائهم في ثقب أسود" مع التخوف من أن يتعرضوا للتعذيب الممنهج حتى " آخر يوم في حياتهم". "مشروع تطهير عرقي" وننتقل إلى صحيفة الغارديان البريطانية، حيث نطالع مقالا بعنوان "ماذا يعني المهاجر المجرم؟ التعبير فخٌّ لغويّ أمريكيّ"، للكاتب جوناثان بين-مناحيم، الباحث في سياسات التجريم بجامعة كولومبيا. ورصد جوناثان قيام إدارة ترامب الشهر الماضي بترحيل 238 مهاجراً فنزويلياً إلى سجن في السلفادور، حيث زعم مسؤولون فيدراليون بأن المُرحّلين كانوا "أعضاء في عصابة خطيرة" وبأنهم "وحوش بشِعين"، وما إلى ذلك من الأوصاف. وأشار الكاتب إلى قيام إدارة ترامب كذلك بإلغاء تأشيرات نحو ألف طالب من مختلف الدول، على خلفية مزاعم بمشاركة هؤلاء الطلاب في مظاهرات مناوئة للحرب الإسرائيلية في غزة. "بعض هؤلاء الطلاب اختُطف، كما حدث لمحمود خليل، الذي قضى أكثر من شهر محتجزاً في أحد أسوأ السجون في الولاياتالمتحدة. وزعم مسؤولون أمريكيون أن خليل 'انحاز للإرهابيين ... الذين قتلوا أبرياء من الرجال والنساء والأطفال'"، وفقاً للكاتب. ولكن سرعان ما كشفت تقارير إعلامية أن إدارة ترامب تكذب بشأن أشخاص "أبرياء" لتبرير اختطافهم، بحسب الكاتب. * الفلسطيني محمود خليل يواجه قراراً قضائياً بترحيله خارج الولاياتالمتحدة وتساءل جوناثان: "لكن ماذا لو كان ضحايا إدارة ترامب 'غير أبرياء'، فهل يُعدّ ذلك مبرراً للتخلّص منهم؟". وأعرب الكاتب عن قلقه من أن يكون الانشغال بإثبات براءة الضحايا "فخاً لغوياً"، قائلاً إن الأمر أشبَه بحُفرة يمكن للفاشيين أن يدفعونا لها. ورأى جوناثان أنه يجب أن نتساءل لماذا اختار ترامب أن تكون الخطوة الأولى "لمشروع التطهير العرقي" هي عبر استهداف "أفراد العصابات" و"مُساندين الإرهاب" وفق تعبير الكاتب. وبحسبه، فإن "المجرمين والإرهابيين هم 'البُعبُع' الذي يُثير كَوامن العُنصرية داخل نفوس أعضاء الحزبين الجمهوري والديمقراطي ضدّ كل من السُود واللاتينيين والعرب" على حدّ تعبير الكاتب، وأن ترامب يستخدم ذلك البُعبع كسلاح. ولفت صاحب المقال إلى أن المزاعم بشأن الإجرام طالما استُخدمت كذريعة للعُنف ضد السُود في الولاياتالمتحدة، بدعوى أنها "حرب على الجريمة". ونوّه جوناثان إلى أن استخدام مصطلحات "كالمجرمين" يبرر وحشية الشرطة، وتصبح مقبولة سياسياً كما يقول، وبالتالي فإن "تعبير 'أفراد العصابات' هو أحدث رمز يُستخدَم لتجريد السُود واللاتينيين من إنسانيتهم". ووفقاً للكاتب، فإنه يمكن أن يُحسَب الشخص من بين أفراد العصابات لمجرّد أنه يحمل وَشْماً على جسده، أو بسبب لون ملابسه، أو حتى لمجرّد استخدامه رموزاً تعبيرية دون غيرها على منصات التواصل الاجتماعي. وحذّر الكاتب من مغبّة الاستمرار في ذلك النهج، قائلا إنه يمكن أن ينتهي بالأشخاص إلى نتائج مدمّرة، منها المثول أمام محكمة فيدرالية أو الترحيل أو أن يقضي الشخص حياته كلها رهينَ الملاحَقة. ولفت جوناثان إلى أن "العضوية في العصابات" ليست الأداة الوحيدة التي تستخدمها إدارة ترامب لتصوير الضحايا على أنهم مذنبون، فعندما "عندما تحوّر تعبير 'الحرب على الجريمة' إلى تعبير 'الحرب على الإرهاب'، بدأت معاناة العرب والمسلمين المقيمين في الولاياتالمتحدة من الخضوع للرقابة التمييزية ومن الاضطهاد". وقال الكاتب إنه ينبغي علينا الدفاع بكل ما أوتينا من قوة عن "الحقوق الأساسية لكلّ ضحايا ترامب؛ فإذا ما تعرّض شخص للانتهاك، فإن الدور قد يأتي على أي شخص آخر لاحقاً". Getty Images"بعد 87 يوماً أصبح لدينا الدليل، ترامب بإمكانه أن يفعل ما يحلو له" تقول مقالة في صحيفة بريطانية. "أزمة دستورية مكتملة الأركان" ونختتم جولتنا من صحيفة آي البريطانية، والتي نشرت مقالا بعنوان "بعد 87 يوماً أصبح لدينا الدليل، ترامب بإمكانه أن يفعل ما يحلو له"، للكاتب جيمس بول. ورصد جيمس قيام إدارة ترامب بإرسال أكثر من مئتي شخص إلى سجن شديد الحراسة في جمهورية السلفادور، دون أن يحصلوا حتى على الحقوق القانونية الأساسية. ولفت الكاتب إلى مخالفة ترامب في هذا الخطوة، قرار محكمة أمريكية قضت بإعادة هؤلاء الأشخاص قبل وصولهم إلى السجن بينما كانوا لا يزالون في الطريق عبر الجو. ونوّه جيمس إلى أن هؤلاء المُرحّلين يواجهون عقوبة بالسجن غير محدّدة المدة في ظروف وحشيّة. وقال الكاتب إن "الولاياتالمتحدة تدفع للنظام الحاكم في جمهورية السلفادور من أجل إدارة هذا السجن الذي ترسل إليه أولئك المُرحلّين من الولاياتالمتحدة، كما أنها تتفاوض بشأن صفقات لفتح مزيد من السجون في السلفادور"، بحسب جيمس. ونوّه صاحب المقال إلى ما تزعمه إدارة ترامب من استحالة إعادة أيّ من هؤلاء المرحّلين، حتى أولئك الصادر بحقهم أحكام قضائية، إلى الولاياتالمتحدة، ويضيف إن ترامب وإدارته يعتبران أن المحاكم الأمريكية، حتى المحكمة العليا، تتجاوز سُلطاتها عندما تطالب بإعادة هؤلاء. ورأى جيمس في ذلك المشهد "أزمة دستورية مكتملة الأركان؛ حيث الحقوق الأساسية لكل شخص في أمريكا على المحكّ" على حدّ تعبيره، ويرى أن استمرار الوضع على هذا الحال يعني " على سيادة القانون في أمريكا السلام". وتابع جيمس بالقول: "سيكون بإمكان ترامب أن يرسل مَن يحلو له، حتى لو كان مواطنا أمريكيا، إلى سجون خارج البلاد ثم بعد ذلك سيعترف بأنه لم يكن هناك أساس قانوني لفعلته، لكنْ ماذا يفعل وقد خرج الأمر من يديه!" على حدّ تعبير الكاتب. * احتجاجات واسعة في الولاياتالمتحدة ضد سياسيات ترامب تحت شعار "ارفعوا أيديكم" - صور * جامعة هارفارد تقف في وجه ترامب، فإلى متى ستصمد؟ * من يقف في وجه ترامب؟