لطالما رغبت جين تروث في أن تكون أُمّاً، لكن تحذير طبيب لها من عدم إنجاب أطفال بسبب فقدانها للبصر جعل هذا الاحتمال "مرعباً". تعاني جين، المؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعي، البالغة من العمر 29 عاماً، والتي تعيش في مدينة كارديف البريطانية، من حالة وراثية تُعرف بالتهاب الشبكية الصباغي الخارجي، ولم يتبقَّ لها سوى حوالي 10 في المئة من بصرها. وقالت إنه من الضروري زيادة التوعية بذوي الإعاقة واحتياجاتهم في الحياة العامة. في الوقت نفسه، قالت نساء أخريات يعانين من فقدان البصر إن أطفالهن أصبحوا أشخاصاً يتمتعون "بالثقة والاهتمام" نتيجة لتجاربهن. وأعلنت حكومة ويلز التابعة للمملكة المتحدة أنها وفرت تمويلاً "لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من فقدان البصر على العيش بثقة وأمان". وقالت جين تروث إنها عانت من "صدمة الأجيال" بسبب إصابة والدها وجدّتها بنفس الحالة. والدها بيتر، البالغ من العمر 74 عاماً، "قيل له إنه لن يتمكن من العمل مجدداً" كميكانيكي عندما بدأ يفقد بصره، مما اضطره للانتقال إلى دبي لبدء مشروعه الخاص. وأضافت "لهذا السبب، نشأتُ على عدم التحدث عن إصابتي بالعمى، ولم أخبر أحداً حتى بلغت الرابعة والعشرين من عمري". وأردفت "كنت أخشى إخبار أصحاب العمل، أو إخبار الأصدقاء". وأوضحت أن اعتبارات السلامة التي تواجهها العديد من النساء تزداد سوءاً بسبب فقدان البصر، وخاصة فيما يتعلق بالعلاقات الشخصية. وأضافت جين تروث "عليكِ فقط أن تثقي بأن من حولكِ سيكونون أشخاصاً طيبين، بينما في كثير من الأحيان، قد لا يكونون كذلك". ومضت "ذات مرة، حبسني شريك سابق في غرفة، محاولاً "إخافتي" وإثبات أنني لستُ عمياء". وقالت إن هذه المشاكل امتدت إلى الأطباء، وإن استشاري عيون أخبرها "بشكل مستمر" بأنها "لا ينبغي أن تنجب أطفالاً". وأضافت "لطالما رغبتُ في أن أصبح أماً. أنا مهتمة جداً بعائلتي"، موضحة أن "خوفها الآن من العمى التام أقل من خوفها أن تكون أماً". وقالت إنها قلقة بشأن التأقلم كأم، خاصة وأن شريكها، الذي يعمل مهندساً، غالباً ما كان يقضي ساعات العمل في الخارج. وأضافت "إنه أمر مرعب حقاً". مشيرة إلى أنها تعاني من فقدان الرؤية المحيطية - "فكيف سأرى طفلي يركض؟ وكيف سيُسمح لي برعاية طفلي بمفردي؟ وكيف أحصل على الدعم؟". وقالت "أنا أيضاً أفكر باستمرار، إذا لم أُرزق بطفل قريباً، فهل سأتمكن يوماً من رؤية شكل طفلي؟". ويوجد حوالي 2.2 مليون شخص يعانون من فقدان البصر في جميع أنحاء المملكة المتحدة، 60 في المئة منهم نساء. وحتى ستينيات القرن الماضي، كانت هؤلاء النساء يُعتبرن غالباً غير مؤهلات للأمومة، وخضع بعضهن لعملية التعقيم الخارجي، ما يعني أنهن لن يتمكنَّ من الإنجاب إطلاقاً. لكن المعهد الوطني الملكي للمكفوفين (RNIB) أفاد بأن العديد من النساء ذوات الإعاقة ما زلن يُكافحن من أجل احترام حقهن في الانجاب والحصول على الدعم حتى اليوم. ووجدت أبحاث المعهد أن حوالي 41 في المئة من النساء الكفيفات وضعاف البصر يشعرن بوجود مفاهيم خاطئة عن الأمهات المصابات بفقدان البصر، بينما تعتقد 26 في المئة أن هذه المفاهيم موجودة لدى المتخصصين في الرعاية الصحية. وتستخدم جين تروث وسائل التواصل الاجتماعي لرفع مستوى الوعي، حيث تزور أماكن الضيافة وتُظهر كيف تُقدم هذه الأماكن خدماتها للأشخاص ذوي الإعاقة. تعاني ريان موريس، من مدينة بريدجند البريطانية، من رأرأة العين - وهو خلل يؤدي إلى حركة العين السريعة اللاإرادية المنتظمة، أفقياً أو رأسياً أو دائرياً - وقصر النظر، وغلوكوما العين - تلف العصب البصري الذي يربط العين بالدماغ، كما أنها تعاني من ضعف بصري منذ الولادة. ويعاني اثنان من أبنائها، اللذان يبلغان من العمر 13 عاماً و3 سنوات، من فقدان البصر، بينما يعاني ابنها البالغ من العمر عاماً واحداً من متلازمة داون أو ما كان يعرف سابقاً بالطفل المنغولي. تقول ريان موريس "أشياء مثل تغيير الحفاضات، ربما تستغرق وقتاً أطول. كما أنني فقدت الأمل في إغلاق أزرار الملابس والكباسات على ملابس الأطفال، فاستبدلتها بملابس ذات سحّابات". وأضافت أن اصطحاب ابنها إلى المدرسة قد يكون صعباً "بسبب وقوف السيارات على الأرصفة"، لكنها كانت تحمل شارة على عربة أطفالها تُخبر الناس أنها تعاني من فقدان البصر. وقالت ريان، البالغة من العمر 39 عاماً إن هاتفها كان بمثابة "شريان حياتها" لأنه سمح لها بالتقاط صور للأشياء ثم تكبيرها لرويتها بشكل أفضل. مضيفة "لقد أخذتُ الأولاد بمفردي في رحلة لعدة أيام في الخارج لأنني أريد أن يعرفوا أنهم قادرون على ذلك". وأضافت "إذا لم تتمكني من فعل شيء ما، فستجدين طريقة ما للالتفاف عليه وعمله أو ستطلبين المساعدة". وأردفت أنها تعتقد أن الناس أحياناً، وبحسن نية، يقللون من شأن قدراتها، لكن النساء المصابات بفقدان البصر "يجب ألا يخشين" أن يصبحن أمهات. وأضافت: "على كل شخص أن يتكيف مع إنجاب الأطفال، والأمر ليس مختلفاً بالنسبة لفاقدي البصر". أما تفصيلة خان، وهي أم لثلاثة أطفال من مدينة كارديف، وتعاني أيضاً من التهاب الشبكية الصباغي، فقالت "إن تدهور بصرها كان تدريجياً حتى أوائل الثلاثينيات من عمرها، بعد أن أنجبت أطفالها - ولم يرث أي منهم هذه الحالة المرضية. وأضافت تفصيلة، البالغة من العمر 41 عاماً، أنه ومنذ صغرهم، كان بإمكان أطفالها البحث عن الحافلة الصحيحة، أو الطلب من المقهى، أو طلب الطعام من أحد البائعين لمساعدتها. وقالت: "كنت أعتقد أن اصطحابهم إلى الحديقة وما شابه سيكون تحدياً، لكنهم نشأوا مع أُم تعاني من فقدان البصر، لذا فهذا أمر طبيعي بالنسبة لهم". لقد زاد ذلك من ثقتهم بأنفسهم كثيراً. واضطروا لفعل أشياء لم يفعلها أطفال آخرون، لكنني أشعر أن ذلك كان له تأثير إيجابي عليهم". وقالت أنسلي ووركمان، مديرة المعهد الوطني الملكي للمكفوفين في ويلز (RNIB Cymru)، إن الآراء السلبية تجاه الأشخاص الذين يعانون من فقدان البصر، والافتراضات حول قدرتهم على تربية الأبناء، قد يكون لها تأثير كبير على ثقتهم بأنفسهم وقدرتهم على الوصول إلى الموارد. وأضافت "قد يواجه الآباء والأمهات تحديات جديدة وغير متوقعة، بغض النظر عن هويتهم. لكن هذا لا يمنع من أن تكون الأبوة والأمومة تجربة مجزية ومثيرة للغاية". ويدعو المعهد الوطني الملكي للمكفوفين في ويلز الجميع إلى دعم الأمهات اللاتي يعانين من فقدان البصر من خلال توفير المعلومات وجعلها في متناول الجميع وتفنيد الخرافات الضارة. وأكدت حكومة ويلز أن خدمات المكفوفين وضعاف البصر في ويلز، التي تقدمها عيادات البصريات، هي الخدمة الوحيدة من نوعها في المملكة المتحدة، وقد وفرت أكثر من 8000 موعد للأشخاص الذين يعانون من فقدان البصر، منهم ما يقرب من 5500 امرأة، في الفترة بين عامي 2023 و2024. وأضافت "نحن نمول عدداً من المنظمات لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من فقدان البصر على العيش بثقة وأمان، ونعمل مع المعهد الوطني الملكي للمكفوفين لتحسين الوصول إلى الخدمات". * علاج جيني جديد يُغيّر حياة أطفال مكفوفين منذ الولادة * بديل تقني ذكي لعصا المكفوفين * أربع طرق لتكون أكثر سعادة في عام 2025 * علاج الخصوبة "من أكثر الطرق نجاحا" لإنجاب الأطفال