في إطار إسهاماته العلمية المستمرة، أصدر الدكتور نوفل الناصري كتابه الجديد بعنوان "مستقبل النظام الدولي في ظل التفاعلات الجيواستراتيجية الراهنة"، الذي يتناول فيه التحولات السياسية والجيوستراتيجية التي يشهدها النظام الدولي في الوقت الراهن، محاولا استشراف مستقبل العلاقات الدولية في ظل التحديات التي تفرضها القوى الكبرى، مثل الولاياتالمتحدة، الصين، وروسيا. ويتطرق الكتاب في بدايته إلى التحولات التي مر بها النظام الدولي بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، حيث يسلط الناصري الضوء على الهيمنة الأمريكية التي استمرت لعقود وكيف بدأت هذه الهيمنة في التآكل مع مرور الوقت.
ويعتبر الكاتب أن غياب القيادة العالمية الواضحة بعد جائحة كورونا قد أظهر وجود توترات جديدة في التوازنات الدولية، مع ظهور قوى منافسة تحد من السيطرة الأمريكية، مما يعكس مرحلة انتقالية غير مستقرة في النظام العالمي.
ومن بين الموضوعات التي يعالجها الكتاب هو التنافس الأمريكي الصيني، والذي يراه الناصري صراعا استراتيجيًا متعدد الأبعاد.
ويصف الكاتب هذا التنافس بأنه قد يؤدي إلى الوقوع في ما يعرف ب "فخ ثوسيديديس"، حيث تسعى دولة صاعدة مثل الصين إلى تحدي الهيمنة الأمريكية مما قد ينذر بصراع كبير.
وفي هذا السياق، يتناول الناصري السياسة الأمريكية في آسيا وتوسعاتها العسكرية والاقتصادية لمواجهة نفوذ الصين المتزايد. ولا يكتفي الناصري بالتحليل السياسي فقط، بل يتناول أيضا الصعود الاقتصادي والعسكري للصين، ويشير إلى أن الصين بصدد تحقيق ريادتها العالمية في العقد القادم.
ويناقش الكتاب مبادرة "الحزام والطريق" التي تمثل أكبر مشروع بنية تحتية في تاريخ البشرية، وكيف أن هذا المشروع يربط الصين بعدد من الدول عبر القارات، ويسهم في بناء شبكات اقتصادية وسياسية جديدة.
في فصل آخر، يناقش الناصري الدور الروسي في النظام الدولي، مبرزا الجهود الحثيثة التي تبذلها روسيا لاستعادة قوتها العالمية، خاصة في ظل الأزمة الأوكرانية الحالية.
ويتناول الكاتب السياسة الروسية في منطقة البحر الأسود، وأهمية الطاقة كعامل استراتيجي في تعزيز النفوذ الروسي على الساحة الدولية.
كما يولي الناصري اهتماما خاصا للجائحة العالمية كأحد العوامل المحورية التي ساهمت في إعادة تشكيل النظام الدولي.
ويقدم في إحدى فصول الكتاب رؤى استشرافية حول كيفية تأثير الجائحة على العلاقات الدولية في المستقبل، مشيرا إلى أن الجائحة قد تكون بمثابة نقطة تحول في النظام العالمي، مع تزايد التنافس بين القوى الكبرى وتأثير ذلك على السياسة العالمية.
وفي الجزء المتعلق بالسياسة الخارجية الأمريكية، يقدم الناصري تحليلا مفصلا حول التحديات التي تواجهها الولاياتالمتحدة في ظل التنافس الصيني والروسي، ويبحث في الفرص التي يمكن أن تسهم في استعادة مكانتها كقوة عالمية مهيمنة.
كما يتناول الكتاب السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، والتهديدات الأمنية الناتجة عن التطورات الإقليمية والعالمية.
ويختتم الناصري كتابه بالحديث عن مستقبل النظام الدولي في ظل التحولات الجيوستراتيجية المتسارعة، حيث يرى أن العالم قد يشهد تحولا نحو تعددية قطبية في السنوات القادمة، مع صعود قوى جديدة مثل الصينوروسيا والهند، مما سيؤدي إلى تغيير جذري في توازن القوى العالمي.