في مدينة بولونيا، وتحديدا بجهة إميليا رومانيا الإيطالية، لم يكن يوم الأحد 6 أبريل عاديا بالنسبة لعزيز رباح، الوزير السابق الذي اختار أن يعود للمشهد عبر بوابة "المبادرة". فالرجل، الذي تمرس طويلا على دروب السياسة وتقاطعات الدولة، بات اليوم يخط ملامح مشروع جديد، يطمح لأن يجعل من "الوطن أولا ودائما" أكثر من مجرد شعار.
جلس رباح إلى جانب أندريا دي ماريا، رئيس جمعية الصداقة البرلمانية الإيطالية المغربية، وفتح معه ملفا دقيقا: كيف يمكن للدبلوماسية الموازية أن تعيد رسم ملامح علاقة قديمة بين بلدين يتقاطعان في الجغرافيا والمصالح، ويختلفان كثيرا في الحسابات السياسية؟
وبحسب ما نشرته الصفحة الرسمية ل"المبادرة" على موقع فيسبوك، لم يكن اللقاء، الذي حضره أعضاء من المكتب التنفيذي للمبادرة، مثل فاطمة مشرق، حسن كوبي وبوجمعة أيت بلا، بروتوكوليا فقط، بل جاء محمّلا برسائل تتجاوز عبارات المجاملة. حيث تحدث رباح عن الاستثمار، عن الفرص التي يتيحها المغرب، وعن الشركات الإيطالية التي لا تزال تراقب من بعيد، مترددة بين الرغبة والمخاطرة. لكنه أيضا، ومن موقع العارف بخبايا الدولة، كان يشير إلى أن المشروع المغربي لم يعد يحتمل مقاعد المتفرجين.
أما دي ماريا، السياسي الإيطالي الهادئ، فقرأ الرسالة سريعا، ورد بأخرى: "نحن مستعدون للتعاون، ولن ندير ظهورنا لمبادرتكم". وفي السياسة، حين يقول مسؤول أوروبي "نحن مستعدون"، فالمعنى أبعد من الكلمات!
اللافت في هذا اللقاء، أنه جاء في لحظة تحولات كبرى: أوروبا تبحث عن شراكات خارج حدودها الشمالية، والمغرب يطرق أبواب الجنوب والشمال معا، متسلحا بموقعه الاستراتيجي وتوالي انتصاراته الدبلوماسية.
رباح الذي جمد عضويته بحزب العدالة والتنمية بعد سقطة الثامن من شتنبر 2021، لا يخفي رغبته في أن يتحول المشروع الذي يقوده إلى منصة تفكير استراتيجي، تعيد ربط الجاليات المغربية بقضايا الوطن، وتفتح نوافذ جديدة لصوت مغربي مغاير، بعيد عن ضجيج "المؤثرين"، وقريب من نبض الجاليات التي تعبت من الوعود.
في النهاية، اللقاء بين رباح ودي ماريا لم يكن سوى خطوة أولى في طريق طويل تتخلله رهانات العودة إلى المشهد السياسي سواء عبر بوابة تجربة حزبية جديدة، رغم نفي رباح نفسه تحويل الجمعية إلى حزب سياسي، لكن ما الذي يمكن أن يمنعه من الإبقاء على المبادرة قائمة وتأسيس تجربة حزبية موازية؟ من يعرف عزيز رباح، يعرف جيدا أنه لا يدخل لعبة إلا وهو يعرف خرائطها.. وكمائنها أيضا. لننتظر…