قالت صحيفة "نيويورك تايمز"، إنه ولسنوات، وبينما كانت الإدارة الأمريكية ترفع السرية عن وثائق تتعلق باغتيال الرئيس جون كينيدي، ونشرتها، كان الافتراض الذي عبر عنه أصحاب نظريات المؤامرة وبعض المؤرخين هو أن هناك شيئا ما مهما لا يزال محجوبا.
وأضافت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير أعده آدم ناغورني، أن هذا الافتراض دفع بعض حلفاء الرئيس ترامب، بمن فيهم ابن شقيق كينيدي، روبرت كينيدي الابن، الذي يشغل الآن منصب كبير مسؤولي الصحة في البلاد، إلى الضغط عليه للإفراج عن الدفعة الأخيرة من ملفات أرشيف كينيدي، معتقدين أنها قد تكشف عن أدلة دامغة: وهي أن كينيدي لم يغتاله مسلح منفرد في دالاس.
وتابعت أنه مع نشر الأرشيف الوطني لما يقرب من 64,000 صفحة خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، بما في ذلك بعض الصفحات التي تضمنت عمليات تحرير سابقة، يتضح أن هناك سببا آخر ربما كان وراء هذه السرية: حماية المصادر، بل والممارسات غير المقبولة أحيانا في عمليات الاستخبارات الأمريكية، مشيرة إلى أنه لا تزال الوثائق قيد المراجعة، لذا قد تظهر حقائق مهمة في المستقبل، مع أن المؤرخين يعتبرون ذلك مستبعدا للغاية.
واعتبرت أنه بناء على معيار واحد – مراجعة المواد المنشورة سابقا والتي لم تعد محررة – بدا القلق الحقيقي هو أن هذه الدفعة ستزود "الصديق والعدو" على حد سواء بأسماء عملاء ومخبري وكالة المخابرات المركزية الذين ما زالوا على قيد الحياة، وعمليات جمع المعلومات الاستخبارية الموجهة إلى الحلفاء، والعمليات السرية، وحتى ميزانيات وكالة المخابرات المركزية.
وزادت: مثال على ذلك: ملفات تفصل كيفية جمع وكالة المخابرات المركزية للمعلومات السرية في كوبا. أحد الأمثلة يأتي من مذكرة استخباراتية رئاسية مؤرخة في 23 نونبر 1963، في اليوم التالي لاغتيال كينيدي، ويفترض أنها كانت موجهة إلى الرئيس الجديد، ليندون جونسون.
وكشفت نسخة نُشرت سابقا، حسب الصحيفة، أن "مترجمين كوبيين يعملون الآن في العديد من مواقع صواريخ أرض-جو (سام) في الجزيرة"، حيث حجبت في النسخة العامة من الوثيقة، على الأقل حتى ليلة الثلاثاء، الكلمات التي توضح كيفية الحصول على تلك المعلومات: "في الأسبوع الماضي، اعترضنا رسائل عسكرية كوبية".
وفي مثال صارخ آخر، تردف الصحيفة، أبلغ آرثر شليزنجر الابن، أحد كبار مساعدي البيت الأبيض، كينيدي يوم تنصيبه عام 1961 أن "47% من المسؤولين السياسيين العاملين في سفارات الولاياتالمتحدة كانوا" ضباط استخبارات يعملون تحت غطاء دبلوماسي – أي جواسيس، بمعنى آخر.
كما أخبر شليزنجر الرئيس الجديد أن 123 موظفا من الوكالة مدرجين ك"دبلوماسيين" هم في الواقع عملاء لوكالة المخابرات المركزية، إذ لم تدرج هذه المعلومات في إصدارات الوثائق السابقة. لكنها كانت هذه المرة.
وسجلت الصحيفة، أنه لطالما التزمت "سي آي إيه" بتكتم شديد بشأن عملياتها، وهذا أمر مفهوم، نظرا لطبيعة أعمال التجسس، ولكن أيضا لتاريخها الحافل بالممارسات المشكوك فيها أحيانا. ومن الأمثلة ذات الصلة غزو خليج الخنازير، وهو إنزال عسكري أمريكي فاشل في كوبا في عهد كينيدي.
وبحسب التقرير فقد نجح مسؤولو الاستخبارات لعقود في حجب مثل هذه الكشوفات. لكن هذه المرة، واجهوا قوتين.
الأولى هي أن الكثير من هذه المعلومات يعود تاريخها إلى 60 عاما. من الصعب أن نتصور كيف يمكن أن تكون الكشوفات التي تعود إلى هذا الزمن البعيد ضارة. معظم الأشخاص المذكورين إما متوفون أو متقاعدون، وقد أُعيدت كتابة الشفرات السرية منذ زمن طويل، وتغيرت التحالفات.
القوة الثانية هي ترامب، الذي دأب طوال حياته المهنية على تداول أسئلة حول ملابسات اغتيال كينيدي. من هذا المنظور، كانت هذه التفاصيل المضافة أضرارا جانبية. (وإن لم يكن ذلك تماما: فهي تُعزز، عند قراءتها بطريقة معينة، فكرة وجود نوع من الدولة العميقة، وهي نظرية أخرى تُحرك ترامب والعديد من مؤيديه).
ووفق التقرير لا تزال هناك وثائق مفقودة وبعض المقاطع المحذوفة في الملفات التي نُشرت يوم الثلاثاء، مما يُشير إلى أن وكالات الاستخبارات تمكنت من إخفاء بعض الأمور.
وذكر التقرير، أنه أصبح معلوما الآن أن الولاياتالمتحدة كانت تعترض اتصالات سرية في ستينيات القرن الماضي من قِبل مجموعة من الدول. وقد أقرت الدولة الآن بعمليات سرية في اليونان وفنلندا والبرازيل وقبرص خلال أوائل الستينيات.