إذا كان الملك الراحل الحسن الثاني قد أعفى المغاربة من ذبح الأكباش خلال عيد الأضحى بأمر حاسم أسقط به "بولفاف" عن موائدهم في ثلاث محطات تاريخية مختلفة تعود إلى أعوام 1963 و1981 و1996، كان فيها الجفاف سببا رئيسيا لإلغاء سنة نبي الله إبراهيم الخليل، فإن "مبدع المسيرة الخضراء"، في المقابل، لم يستجب إلى ملتمس مماثل طرحه عليه أستاذه ومستشاره ووزيره في الإعلام آنذاك عبد الهادي بوطالب.
كان ذلك في مطلع عام 1979، أي قبل عامين من قرار الملك الحسن الثاني عدم إقامة شعيرة نحر الأضحية لموسم 1981 بسبب الجفاف، حينما تقدَّم عبد الهادي بوطالب بصفته مستشارا للملك، بطلب إعفاء المغاربة من اقتناء الأضاحي، بناء على تقرير لوزير المالية آنذاك يقول فيه إن المغرب يخسر رصيده من العملة الصعبة باستيراده الأغنام.
بوطالب، اقترح على الملك بأن ينوب عن الأمة بذبح كبشين، واحد عن نفسه وآخر عن الأمة، لكن الحسن الثاني لم يبال ينصيحة أستاذه، فسمح للمغاربة بالاحتفال ب"العيد الكبير" وفق طقوسه الدينية المتعارف عليها وتقاليده المغربية المعتادة. يقول بوطالب في سيرته الذاتية: "طلبت من الملك أن ينوب عن الأمة بذبح كبشين، واحد عن نفس وثان عن الأمة، لكن الحسن الثاني رفض المقترح وسمح للمغاربة بذبح الأكباش والاستمتاع بلحظة العيد قائلا: {دعوهم ينعمون بلحظة فرح ويأكلون الشواء. لن نحرمهم من هذه النعمة}".
مباشرة بعدما رفض الحسن الثاني فكرة بوطالب هاته، تم تداول حكاية غضبة ملكية نزلت على الفنان المغربي حمادي عمور، فقد بث التلفزيون مسرحية تتضمن مشهدا لحمادي عمور يمثل دور رب أسرة متزوج بأربعة نساء، كل واحدة تشترط كبشا خاصا بها، بينما حمادي عمور يجد صعوبة في تقسيم الخروف بينهن، وهو العمل الفني الذي اعتبر بمثابة رد على أمر الإمام مما انتهى بحمادي عمور خلف القضبان.
يحكي عبد الهادي بوطالب: "في ثالث أيام عيد الأضحى، رافقت الملك الحسن الثاني في زيارته الرسمية لأمريكا. وأثناء وجودنا بواشنطن، بلغ إلى علم وزارة الدولة في الإعلام أن حمادي عمور قد اعتقل واقتادته الشرطة من منزله بعدما عصبت عينيه، وأنه لم يبلغها خبره منذ ذلك. فأبلغت جلالة الملك بما حصل مستنكرا متأثرا، فبادر جلالته إلى إعطاء أمره بإطلاق سراحه واستقبله بالقصر الملكي ونفحه نفحة مالية جبر بها كسره وخفف من كربه".