قبل فترة خرجت إلى العلن مذكرة تفصيلية متعلقة بالمضامين الرئيسية المقترحة لمراجعة قانون الأسرة من أجل مدونة أسرة قائمة على المساواة والكرامة ليتجدّد الجدل المرتبط بإصلاح مدونة الأسرة في الأوساط الحقوقية، فهل إصلاح قانون الأسرة بالمغرب يظلم الرجال حقا؟. حملنا جملة من الأسئلة، أجاب عنها حاتم صلاح الدين، عضو جمعية تحدي للمساواة والمواطنة في تصريحه ل "الأيام 24″، وهو يؤكد أنّ المذكرة تحمل رؤية ومقترحات لتحقيق أفضل للنتائج الممكنة، بما يتوافق مع التوجيهات الملكية والضرورات الاجتماعية والاقتصادية التي لا يمكن إغفالها في انتظار إعداد مذكرة ثانية ستكون محتوياتها أكثر تفصيلا.
وأوضح أنّ تعديل مدونة الأسرة يأتي في سياق خاص يتعلق بالمبادرة الحكومية الهادفة إلى صياغة وإعداد مشروع قانون تعديلي لمدونة الأسرة بالمملكة المغربية قبل أن يقول: "نحن كمجتمع مدني وكحركة نسائية، نسعى من خلال مضامين المذكرة إلى خلق تفاعل إيجابي مع بعض التعديلات ونأمل أن تلقى مذكراتنا ورؤيتنا التفاعل الإيجابي من قبل الجهات المعنية لضمان سير سكّة الإصلاح في اتجاه تحقيق أفضل النتائج للأسرة والمجتمع ككل".
ووقف عند التفاعل الإيجابي مع بعض المضامين، من قبيل الحضانة المشتركة، معتبرا أنّ هذا التوجه يعزّز مفهوم الشراكة بين الوالدين في تربية الأبناء، وهو ما يساهم، وعلى حد تعبيره في تحقيق مصلحة الطفل الفضلى.
وعرج على نقطة أخرى متفق عليها، ويتعلق الأمر ببيت الزوجية، مضيفا: "التوجه نحو إخراج بيت الزوجية من التركة يعزز الاستقرار الأسري ويساهم في حماية حقوق الأفراد"، كما رفع القبعة لتثمين العمل المنزلي، وهو يشير إلى أنّ هذه النقطة تعكس تقديرا للعمل الذي تقوم به المرأة داخل البيت وتؤدي إلى آثار إيجابية على الطفل والأسرة على حد سواء.
وإن كانت هناك مجموعة من النقط المتفق عليها فإن مواضيع أخرى محط خلاف عميق وتتطلب مراجعة دقيقة، يردف موضحا، وهو يسطّر بخط عريض على تزويج الطفلات وتعدد الزوجات والخبرة الجينية لإلحاق النسب.
تزويج الطفلات، اعتبرها قضية حُسم فيها النقاش على جميع المستويات، بما فيها المؤسسات والهيئات الدستورية قبل أن يسترسل قائلا: "تزويج الطفلات ينطوي على مخاطر جمّة ليس فقط على الطفلة المعنية، بل على تنمية البلاد بشكل عام، فالطفلة هي المرأة المستقبلية وهي نصف المجتمع، ويجب أن نوفر لها كل الفرص الممكنة للنمو والتعلم والاستقلال قبل التفكير في الزواج".
وفي علاقة بتعدد الزوجات، استند إلى الإحصاءات الرسمية المتعلقة بطلبات تعدد الزوجات، والتي لا تتجاوز 6 في المائة حسب قوله، ما يطرح تساؤلا كبيرا حول ضرورة استمرار هذا النظام في القوانين الحالية.
ووضع المجهر على الخبرة الجينية لإلحاق النسب، وهو يتقاسم مطالبه بتطبيق الخبرة الجينية لتثبيت النسب بشكل قانوني وعلمي، مضيفا: "قضاء المملكة يعتمد على هذه الخبرة في القضايا الجنائية لأنها تُثبت بأدلة قاطعة نسب الأبوة، ومن غير المعقول ألا تُعتمد في قضايا إلحاق النسب المدنية والاعتماد على الخبرة الجينية يضمن حقوق الطفل ويعزّز من تحمل الأب لمسؤولياته الكاملة".
وختم قوله بتأكيده أنّ التعديلات المقترحة تمثل محاولة جادة لتطوير النصوص القانونية بما يتوافق مع المتطلبات الحديثة وأنّ مراجعة مدونة الأسرة خطوة هامة نحو تحقيق مزيد من المساواة والعدالة الاجتماعية في المجتمع المغربي.