أثار تشكيك الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، يوم الاثنين، بصمود الهدنة في قطاع غزة، بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، مزيدا من عدم اليقين، بشأن نهج الولاياتالمتحدة وسياساتها تجاه الشرق الأوسط. وفيما رأى محللون أنها رسالة تهديد ل"حماس"، تحدثت وسائل إعلام أميركية عن أن التطلعات السياسية والدبلوماسية لترمب، الذي مارس الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لقبول وقف إطلاق النار، قد تتناقض جوهريا مع الأخير.
وجاء تشكيك ترامب خلال توقيعه عددا من القرارات التنفيذية، من بينها إلغاء أوامر تنفيذية للرئيس السابق جو بايدن تفرض عقوبات على المستوطنين الإسرائيليين والمستوطنات في الضفة الغربية التي عدّت "تهديدا خطيرا للسلام والأمن والاستقرار في الضفة الغربية"، ورفع الحظر عن تسليم قنابل ثقيلة لإسرائيل.
وردا على سؤال أحد المراسلين، قال ترامب إنه "غير واثق" من أن اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حماس" سيصمد خلال المراحل الثلاث.
وقال إن "هذه ليست حربنا، إنها حربهم"، غير أنه أشار إلى اعتقاده بأن "حماس" باتت "أضعف"، جرّاء الحرب التي اندلعت إثر هجومها يوم السابع من أكتوبر 2023 على إسرائيل.
وتابع: "رأيت صورة من غزة. غزة أشبه بموقع هدم ضخم"، مؤكدا أن القطاع يمكن أن يشهد عملية إعادة إعمار "رائعة" إذا مضت الخطة قدما. وتحدث ترامب عن "موقع غزة الفريد على البحر… طقسها رائع… ويمكن القيام بأمور رائعة فيها"، في تكرار لتصريحات سابقة له، ترى أن حل قضية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ضمن "صفقة" طابعها اقتصادي.
وفي خطاب تنصيبه، الاثنين، أشار ترامب إلى اتفاق وقف إطلاق النار، ووصف نفسه بأنه "صانع سلام"، لكن تصريحاته أتت في الوقت الذي أعلنت فيه إسرائيل عن بدء عملية عسكرية في الضفة الغربية، وسط هجمات متجددة للمستوطنين، وغموض يلف مستقبل العملية السياسية لما يسمى "اليوم الثاني" في كل من غزةوالضفة الغربية.
ورأت صحيفة "نيويورك تايمز" أن التطلعات السياسية والدبلوماسية لترمب، قد تتناقض جوهريا مع طموحات نتنياهو، وقد تكون هي الفتيل الذي من المحتمل أن يفجر حكومته وينهي حياته السياسية.
وأشارت إلى عنوان صحيفة "هآرتس" يوم الاثنين: "نتنياهو يكذب على ترمب ويستعد لتخريب اتفاق وقف إطلاق النار في غزة"، بأنه لم يأت من فراغ، وأنه سيحاول التلاعب على ترمب، كما تلاعب ببايدن.
وقالت الصحيفة الأميركية إنه من مصلحة ترامب فتح محادثات حول "حل الدولتين" مع السلطة الفلسطينية بمشاركة عربية.
ورأت الصحيفة أن حرب الاستئصال التي شنها نتنياهو على "حماس"، كان لها في الواقع هدفان متناقضان، بالإضافة إلى عدم وجود رؤية معلنة للسلام مع الفلسطينيين بعد انتهائها، كان يستهدف نتنياهو "الانتصار الكامل" على "حماس"، وإعادة الرهائن.
ولكن الانتصار العسكري الكامل على "حماس"، حتى لو كان ممكنا، كان سيعني بالتأكيد مقتل معظم الرهائن إن لم يكن كلهم. لكنّ المتشددين في حكومة نتنياهو، إيتمار بن غفير (استقال من الحكومة) وبتسلئيل سموتريتش، أجبرا نتنياهو على شن حرب لتدمير جزء كبير من غزة، حتى لو أدى ذلك إلى اتهام إسرائيل بارتكاب جرائم حرب، على أمل أن يؤدي هذا إلى النزوح الكامل للفلسطينيين وضم إسرائيل لجزء من غزة، بغض النظر عن الرهائن. وأضافت الصحيفة أن السياسة الأميركية لا بد أن تتلخص في ضمان تنفيذ المراحل الثلاث لاتفاق وقف إطلاق النار، ثم متابعة ذلك بعملية دبلوماسية حقيقية من أجل التوصل إلى تسوية أوسع نطاقا.