في خطوة لافتة توجت بتوقيع المغرب وفرنسا بروتوكولا للتعاون البرلماني، بعد إجراء رئيس مجلس النواب، راشيد الطالبي العلمي، أول أمس الأربعاء، بمقر الغرفة الأولى بالرباط، مباحثات مع رئيسة الجمعية الوطنية الفرنسية، يائيل براون بيفي.
وأكد بلاغ للمجلس، أن الجانبين ناقشا سبل إعطاء دينامية جديدة لعلاقات التعاون بين مجلس النواب المغربي والجمعية الوطنية الفرنسية، مشددين على أهمية تقوية الحوار والتشاور وتبادل الخبرات والتجارب بين المؤسستين التشريعيتين.
رشيد لبكر، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق لسلا، أكد في حديث ل "الأيام24″، أن هذا التعاون يعزز الدفء الكبير الذي عاد إلى العلاقات المغربية الفرنسية، بعد الفتور الذي كان قد اعتراها، وساهم في تعميق الخلاف، وتباعد وجهات النظر حول القضايا التي تهم البلدين.
وقال لبكر، إنه "بعد الاعتراف التاريخي للجمهورية الفرنسية بسيادة المغرب الكاملة والدائمة على أراضيه الصحراوية، تبدد هذا الخلاف، ورجعت المياه إلى مجراها الطبيعي كما كانت دائما".
وأردف: "أعتقد أنها مرشحة إلى مزيد من التقارب، لأن فرنسا، كما غيرها من الدول التي اعترفت بمغربية الصحراء ، اتضحت أمامها الأمور، وأدركت من يريد الدفع بدفة التعاون إلى الأمام، ومن يريد استغلال الوضع، والركوب على الأحداث، لتعكير الأجواء، وتعقيد المشكل، والخوض في المياه العكرة".
وفي نفس السياق، أبرز المتحدث نفسه، أن "ثمار هذا التقارب الإستراتيجي بدت في الآونة الأخيرة، ظاهرة للعيان، من خلال الزيارة الرسمية الأخيرة للرئيس الفرنسي إلى الرباط، رفقة عدد كبير من رجال الأعمال، وكبار المسؤولين الفرنسيين، وهي زيارة أكدت، بالملموس، وبلغة الفعل، موقف فرنسا الداعم لسيادة المغرب، فضلا عن تثمين هذه المواقف بالتوقيع على عدد كبير من اتفاقيات التعاون والشراكة في مجالات متعددة، اقتصاديا وثقافيا ورياضيا".
وتابع أن "هذا الشيء الذي مهد، وسيمهد، لمزيد من الشراكات الأخرى، من هنا، نفهم الإطار والسياق الذي يأتي فيه بروتوكول التعاون بين مجلس النواب المغربي، والجمعية الوطنية الفرنسية، والذي يأتي أيضا استجابة للدعوة الملكية، القاضية بتفعيل الديبلوماسية البرلمانية، خدمة للقضية الوطنية".
وفي نفس الصدد، سجل لبكر، أن المغرب يشترك مع فرنسا في عضوية العديد من التجمعات النيابية الدولية، قائلا: "أعتقد أن هذا سيمنحه فرصة الترويج لعدالة القضية الوطنية، مسنودا بحليف قوي الذي هو فرنسا، على اعتبار أن مما ينص عليه نص البروتوكول، هناك النقطة المتعلقة بالتنسيق بين الجانبين، وتوحيد المواقف داخل هذه التجمعات، وفق أسس متساوية، وبناء على مبادئ الثقة وتكافؤ الفرصة".
وأشار لبكر إلى أن هناك نقاط أخرى متعلقة بتبادل الخبرات والتعاون في مجالات رقمنة الوظائف النيابية، وتكوين العاملين فيها، سواء بالنسبة للسادة البرلمانيين، أو الموظفين العاملين لدى الهيئات النيابية التشريعية وغيرها.
وزاد "أعتقد أن الجمعية الوطنية كجزء رئيسي في الهيئة التشريعية لبلد كبير وفاعل قوي في العلاقات الدولية، ما كانت ستسعى إلى بلوة هذا البروتوكول، لولا اقتناعها بفعالية التجربة المغربية في مجال التشريع أساسا، وبالقوة الإقليمية التي بات المغرب يتمتع بها على الصعيد القاري، وبأنه المؤهل الوحيد، القادر على أن يكون الحليف الاستراتيجي الدائم، والمعول عليه من طرف نادي الدول الكبار".
وخلص لبكر، إلى أن "الرسالة وصلت لمن يهمه الأمر، وأصبح واضحا أن للمغرب رؤية استراتيجية واضحة، يعمل من أجل تفعليها وتطويرها، بهدوء وروية، رفقة شركائه المؤمنين بالجدية والفاعلية، وليس له الوقت للرد على بروباغندا الوهم وتسويق أحلام جنون العظمة".