في الوقت الذي نظم مجموعة من أعضاء حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، احتجاجات أمام مقر الحزب في جوهانسبورغ، من أجل الضغط على مراكز نفوذ الدولة لتصحيح العلاقات مع المملكة المغربية، جددت إدارة الرئيس سيريل رامافوزا، دعمها ل"المخطط الانفصالي" الذي تشترك فيه مع الجزائر في دعم صنيعتها "البوليساريو" لمضايقة مصالح المغرب الترابية. وطرح هذا التأييد المتكرر الصادر عن جنوب إفريقيا، تساؤلات كثيرة حول أسباب تجديد بريتوريا دعمها لجبهة البوليساريو الانفصالية، الذي يأتي تزامنا مع الدينامية القوية التي يشهدها ملف الصحراء المغربية، بعد توالي الاعترافات الغربية، وعلى رأسها الاعتراف الفرنسي التاريخي الداعم لسيادة الرباط على أقاليمها الجنوبية.
وحسب مراقبين سياسيين، فإن إصرار جنوب إفريقيا على دعم جبهة البوليساريو الانفصالية راجع إلى الانتفاضة المغربية داخل القارة الإفريقية خاصة على المستوى الاقتصادي، ونفوذها السياسي الذي تعزز بعد عودة الرباط إلى أجهزة الاتحاد الإفريقي، الأمر الذي تعتبره بريتوريا تهديدا لمصالحها بالمنطقة.
وفي هذا الصدد، قال محمد العمراني بوخبزة، المحلل السياسي وأستاذ القانون العام بجامعة عبد المالك السعدي، إن "أغلب المواقف الصادرة عن أي دولة تكون مبنية على العقيدة التي نشأت عليها أو الجهات النافذة داخلها، لذلك يجب أن نفهم أن جنوب إفريقيا عاشت مراحل وحقب تطورت فيها مواقفها الخارجية، حيث انتقلت من حكم الميز العنصري إلى وجود حزب المؤتمر إضافة إلى الصراعات السياسية التي كانت داخل أجهزة الدولة".
وأضاف بوخبزة، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "المنطق يقتضي بأن مواقف جنوب إفريقيا خلال فترة نيلسون مانديلا كانت تتماهى مع مصالح المملكة المغربية، لكن بعد هذه الفترة طرأت تحولات كثيرة جعلت هذا البلد ينحاز إلى الجمهورية الجزائرية"، مؤكدا أن "هناك محور تأسس بين بريتورياوالجزائر خلال غياب المغرب عن أجهزة الاتحاد الإفريقي".
وتابع المتحدث عينه، أن "المغرب أصبح يعتبر قوة صاعدة داخل القارة الإفريقية، ورغبة المملكة في حسم الريادة في العديد من القطاعات الاقتصادية، تعتبره جنوب افريقيا خطرا يهدد مصالحها داخل القارة وهو ما يدفع هذه الأخيرة إلى دعم جبهة البوليساريو الانفصالية".
وأشار المحلل السياسي، إلى أنه "بعد الدينامية القوية التي عرفتها الدبلوماسية المغربية في ملف الصحراء، أصبح من الضروري اختراق مراكز القرار لدى جنوب إفريقيا للظفر بموقف إيجابي في القضية، غير أنه هناك أطراف أخرى تستخدم أساليب بعيدة عن قواعد اللعبة، عكس المغرب الذي يستخدم فقط دبلوماسيته الناعمة للسيطرة على الملف".
وأردف الأكاديمي أن "الدبلوماسية المغربية كانت قد بدأت في اختراق حزب المؤتمر، وهذا الأمر خلق نقاشا داخل جنوب إفريقيا، علما أن هذا الحزب بدأ يفقد شيئا ما نفوذه بسبب نتائج الانتخابات الأخيرة، ولذلك على المغرب أن يخترق مراكز القرار داخل الدولة وليس داخل الأحزاب السياسية".