بعدما أظهر "الحراك المجتمعي" الأخير جيلا جديدا من التنظيمات غير المؤسساتية المنضوية تحت إسم "التنسيقيات" الفئوية، التي جاءت بهدف "الدفاع عن حقوق الشغيلة بعيدة عن أي حسابات سياسية أو نقابية"، واضعة في الوقت ذاته مستقبل النقابات على المحك، جاء القانون التنظيمي للإضراب المصادق عليه خلال الأسبوع الماضي داخل لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، ليضع نقطة نهاية لهذا الفصيل القطاعي الذي أربك الحكومة في الشهور الماضية.
وحددت المادة الثالثة من القانون التنظيمي للإضراب الجهات الداعية إلى التوقف عن العمل، وهو الأمر الذي من المنتظر أن يثير الكثير من الجدل داخل مجلس المستشارين، بعدما حظي هذا المقتضى بالرفض من قبل العديد من المؤسسات الحزبية أبرزها حزب التقدم والاشتراكية والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والاشتراكي الموحد والعدالة والتنمية، إضافة إلى الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد المغربي للشغل والمنظمة الديمقراطية للشغل والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب.
وحسب المادة نفسها من القانون التنظيمي للإضراب، فإن الجهة الداعية للإضراب تتولى التفاوض في إطار سعيها إلى تسوية القضايا الخلافية، واتخاذ قرار تنفيذ الإضراب أو تعليقه، أو إنهائه أو إلغائه، والسهر على سريانه وتأطيره، وهي النقابات الأكثر تمثيلا على الصعيد الوطني وفي وضعية قانونية سليمة، والنقابة التي شاركت في انتخابات ممثلي المأجورين في القطاعين العام والخاص وحصلت على تمثيلية دون اكتساب صفة النقابة الأكثر تمثيلا وفق النصوص التشريعية الجاري بها العمل، والنقابة الأكثر تمثيلا على مستوى المقاولة أو المؤسسة في وضعية قانونية سليمة.
وإلى جانب ذلك، فإن مسألة "التمثيلية النقابية" كانت ومازالت محط نقاش بين جميع الفاعلين السياسيين والنقابيين، حيث عبرت العديد من الجهات عن رفضها لهذا الأمر، داعية إلى تقليص النسبة التي تعطي صفة "الأكثر تمثيلية" للنقابات سواء على مستوى قطاعي العام والخاص أو داخل المقاولات.
وقال عبد الوهاب السحيمي، عضو التنسيق الوطني لقطاع التعليم، إن "الحكومة قامت بحصر حق الإضراب في النقابات الأكثر تمثيلية أي النقابات القانونية التي تتوفر على وصل إيداع، وأن مفهوم التمثيلية النقابية لازال موضوع نقاش بين مختلف التنظيمات والمهنيين".
وأضاف السحيمي، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "الحكومة المغربية عند مناقشتها لقانون الإضراب وصياغة نصوصه ومقتضياته لم تحدد طبيعة هذه النقابات، هل نقابات مركزية أم قطاعية، وبالرجوع إلى مسألة التنسيقيات فإنه ليست المرة الأولى التي يتم فيها منع هذا التكتل من حق الإضراب، وهذا كان واضحا خلال الحراك التعليمي".
وأضاف المتحدث ذاته أنه "مادامت الطبقة العاملة تتعرض للإجحاف والظلم من طرف الجهة المشغلة أو الدولة فمن حقها ممارسة حق الإضراب، وفي حالة إذا تم تفعيل المقاربة الأمنية أو القضائية في حق المضربين سيمكن اعتبار ذلك تراجعا حقوقيا كبيرا"، مشيرا إلى أن "الحكومة قامت سابقا بردع المضربين خلال "الحراك التعليمي" باقتطاع الأجور، ورغم ذلك لم يشفع لها وقف الإضراب الذي امتد لشهور".
ولفت عضو التنسيق الوطني لقطاع التعليم إلى أنه "على الحكومة معالجة المشاكل التي تعاني منها الطبقة العاملة بدل صياغة القوانين التي تخالف الاتفاقيات الدولية، وأيضا الحسم في مسألة التمثيليات النقابية التي مازالت موضوع نقاش في الأوساط المجتمعية".