أزيد من شهر مر على التعديل الحكومي الأخير الذي أثار موجة من الجدل والانتقادات، بعد تعيين أسماء وزارية غير مشهود لها بالكفاءة السياسية والحزبية، ها هو الآن يعاد نفس السيناريو بسبب عدم توصل 4 كتاب دولة من أصل 6 بمراسيم تفويض الاختصاصات، التي تخول لهم الحق في التصرف بشكل فعلي في الموارد المالية والبشرية للقطاع الذي خصصت لهم طبقا للفصل 93 من الدستور المغربي.
ولازال كل من أديب بن براهيم، كاتب الدولة لدى وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة مكلف بالإسكان، وعمر حجيرة، كاتب الدولة لدى وزير الصناعة والتجارة مكلف بالتجارة الخارجية، وعبد الجبار الراشدي، كاتب الدولة لدى وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة مكلف بالإدماج الاجتماعي، وهشام صابري، كاتب الدولة لدى وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات مكلف بالشغل، يترقبون دورهم في توقيع مراسيم "الانفراج" من طرف رئيس الحكومة عزيز أخنوش، من أجل ممارسة عملهم بشكل فعلي.
ويرى مراقبون سياسيون أن "تأخير تسليم مراسيم تفويض الاختصاصات إلى كتاب الدولة المغربية، قد يخلق صراعات سياسية بين أحزاب الأغلبية، بعدما استفاد الكتاب المنتمين لحزب التجمع الوطني للأحرار من هاته المراسيم دون الآخرين، وهو ما يؤدي إلى تعطيل عجلة الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي التي تحاول الحكومة الحالية تحقيقه قبل تاريخ الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
وقال محمد نشطاوي، الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي، إنه "بالفعل أن كتاب الدولة الذين جاء بهم التعديل الحكومي الأخير لازالوا ينتظرون توقيع مراسيم تفويض الاختصاصات لبدء عملهم بشكل فعلي، وإلى حدود اللحظات لم يتم تسليم السلطات إلى كتاب الدولة المنتمين لحزبي الأصالة والمعاصرة والاستقلال".
وأضاف نشطاوي، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "كتاب الدولة الذين ينتمون إلى التجمع الوطني للأحرار استفادوا من مراسيم التفويض، وهذه تبقى مسألة وقت لا غير، لأن الحكومة المغربية ملزمة بأداء هاته المراسيم لتطوير عمل بعض القطاعات الوزارية، وتخفيف الضغط على بعض الوزراء لتسهيل مهامهم، في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة التي يعيشها المغرب".
وتابع المتحدث عينه أنه "مثل هذه الأمور تخلق جدال سياسي داخل الأغلبية الحكومية، لأن الحزب الذي يعتبر بمثابة القوة السياسية الأولى بالبلاد (التجمع الوطني للأحرار) يقوم بتيسير شؤون أعضائه دون الآخرين المنتمين إلى باقي الأحزاب المشكلة للأغلبية، وهذا يمكن اعتباره من بين النقائص التي يمكن تسجيلها إلى جانب هذا التعديل الحكومي الذي لم يأتي بكفاءات خاصة في قطاعي التعليم والصحة".
وأوضح المحلل السياسي أن "مثل هذه الأمور تؤثر بشكل كبير على العمل الحكومي، وتجعل سهام الانتقادات تتوجه من جديد إلى الحكومة المغربية، التي حطمت الرقم القياسي في عدد المواضيع المثيرة للجدل منذ تعيينها سنة 2021″، مضيفا: "تبين أنه من خلال هذا التعديل الحكومي ليس هناك رؤية استراتيجية مستقبلية، في ظل غياب التناغم العملي بين أحزاب الأغلبية".
وأردف الأستاذ الجامعي أن "تساؤلات كثيرة تحوم حول هذا الاشكال الذي طرحه التعديل الحكومي الأخير، والجدوى من تعيين كتاب الدولة في بعض القطاعات الوزارية دون تمكينهم من مراسيم تفويض الاختصاصات والسلط".