بات تحيين الرؤية الاستراتيجية الخاصة بالقطاع السياحي بالمغرب، مطلبا ملحا، لمواجهة تحديات نموه المستدام، ومواكبة مختلف التغيرات التي تشهدها الأسواق، خاصة وأن المملكة مقبلة على تنظيم تظاهرات عالمية كبرى، على غرار كأس العالم لكرة القدم 2030.
ومن بين العوامل التي تفسر حاجة المغرب إلى مراجعة الرؤية الاستراتيجية لقطاع السياحة، المركز الذي بات يحتله على مستوى تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024، حيث تراجعت المملكة ب12 مركزا، محتلة بذلك المرتبة 82 من بين 119 دولة شملها التصنيف.
وكانت الحكومة قد وقّعت بتاريخ 17 مارس الفارط، على اتفاقية إطار لتنزيل خارطة الطريق الإستراتيجية لقطاع السياحة بحلول عام 2026، بهدف وضع السياحة كقطاع رئيسي للنمو الاقتصادي، بميزانية تصل إلى 6.1 مليار درهم، في أفق جذب 17.5 ملايين سائح سنويا بحلول سنة 2026، وخلق حوالي 200.000 فرصة شغل مباشرة وغير مباشرة، والوصول إلى عتبة 120 مليار درهم كعائدات للقطاع من العملة الصعبة.
النائبة البرلمانية عن فريق التقدم والاشتراكية، نادية تهامي، اعتبرت أن خلاصات التقرير الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، جاءت "مخالفة تماما لما يتم الترويج له داخليا"، إذ كشفت أن أداء المغرب على هذا المستوى متوسط، بل ودون المعدل العالمي، في ظل عوامل عدة حالت دون تحقيق المزيد من التقدم.
ودعت برلمانية "الكتاب"، في سؤال كتابي وجهته إلى وزير السياحة فاطمة الزهراء عمور، إلى طرح الموضوع بشكل جدي على المستوى الحكومي، بالنظر لكون قطاع السياحة والخدمات واحدا من الأعمدة الرئيسية للاقتصاد الوطني، ويعتبر مصدرا مهما للنقد الأجنبي والتشغيل، وما تفرضه التحديات التي تواجه المغرب.
كما شددت تهامي على وجوب مراجعة الرؤية الاستراتيجية التي يتم تنفيذها في هذا القطاع، والأخذ بعين الاعتبار خلاصات التقرير، من أجل الرفع من جودة الخدمات السياحية عبر تنشيط الاستثمارات التي تنصب على تطوير البنية التحتية الفندقية والنقلية، وتعزيز الابتكار والتسويق السياحيين للمغرب عالميا، والتركيز على تنوع العروض السياحية والتنافسية السعرية.
من جهته، أكد الفاعل والخبير في المجال السياحي الزبير بوحوت، أن المغرب في حاجة بالفعل إلى تبني رؤية استراتيجية شاملة، تأخذ بعين الاعتبار جميع روافد القطاع السياحي، مع التركيز على تحسين جودة الخدمات السياحية وتطوير البنى التحتية الخاصة بالنقل والعمل على تعزيز التسويق لوجهاته من خلال الانفتاح على الأسواق الكبرى ومضاعفة الحملات الترويجية.
وأبرز بوحوت، ضمن تصريح ل"الأيام 24″، أن المغرب يعمل على تطوير مكانته، لكن تصنيفه غير المشرف في المرتبة 82 من حيث مؤشر تنمية السياحة والسفر، يفرض عليه تطوير مستواه من خلال الاستفادة من التجارب الناجحة للدول، من قبيل أمريكا وإسبانيا، خاصة في مجال الابتكار السياحي، وتبني سياسات داعمة لاستدامة القطاع، لتعزيز مكانة المغرب على الصعيد العالمي كوجهة سياحية غنية.
وأوضح الخبير السياحي أن فقدان المغرب ل12 مرتبة بين عام 2019 و2024 في التصنيف المذكور، يجد تفسيره في المعايير التي يعتمدها مؤشر تنمية السياحة والسفر العالمي، والمرتبطة بالبنيات التحتية السياحية، الانفتاح، الرقمنة، إدارة الموارد الطبيعية والثقافية، ثم الاستدامة، لافتا إلى أن هناك دول نامية عرفت تطورا كبيرا على هذا المستوى، من بينها أوزبكستان وأندونيسيا، بفضل سياسة الانفتاح والسهولة في الحصول على التأشيرات والاستثمار.