"ستحترم فرنسا التزاماتها الدولية، على أن يكون مفهوما أن نظام روما الأساسي يطلب التعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية، وينص أيضا على أنه لا يمكن مطالبة دولة ما بالتصرف بطريقة تتعارض مع التزاماتها بموجب القانون الدولي، فيما يتعلق بحصانات الدول غير الأطراف في المحكمة الجنائية الدولية، وتنطبق هذه الحصانات على رئيس الوزراء نتنياهو والوزراء الآخرين المعنيين، ويجب أن تؤخذ في الحسبان إذا ما طلبت المحكمة الجنائية الدولية اعتقالهم وتسليمهم"، هكذا بررت فرنسا، موقفها إزاء احتمال اعتقال نتنياهو و غالانت في حال دخولهما الأراضي الفرنسية، في بيان صدر باسم المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية.
وأضاف بيان وزارة الخارجية، أن "نتنياهو يمكنه التمتع بالحصانة من إجراءات المحكمة الجنائية الدولية، وباريس تعتزم مواصلة العمل بالتعاون الوثيق مع رئيس الحكومة نتنياهو والسلطات الإسرائيلية الأخرى لتحقيق السلام والأمن للجميع في الشرق الأوسط"، بعدما صرحت قبل أسبوع، بأنها ستلتزم بقوانين الجنائية الدولية، لتصف منظمة العفو الدولية موقف فرنسا ب"المثير للجدل للغاية".
وبالرغم من التهم الثقيلة التي يتابع فيها نتنياهو وغالانت، إلا أن باريس لم تجد حرجا في توفير مظلة الحماية من ملاحقتهما الجنائية، ورحبت بهما في الأراضي الفرنسية، والأغرب من ذلك، حسب بعض القراءات، أنها ماتزال تعتبر اسرائيل ديمقراطية أمام حجم الانتهاكات التي تورط فيها الكيان في حق عشرات الآلاف من القتلى جراء الهجمات الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة.
وهو ما أكده بيان الخارجية، قائلا: "تماشيا مع الصداقة التاريخية بين فرنسا وإسرائيل، وهما ديمقراطيتان ملتزمتان بسيادة القانون واحترام القضاء المهني والمستقل، تعتزم فرنسا مواصلة العمل بشكل وثيق مع رئيس الوزراء نتنياهو والسلطات الإسرائيلية الأخرى لتحقيق السلام والأمن للجميع في كل بقعة من الشرق الأوسط".
محمد نشطاوي، أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض بمراكش، اعتبر أن "تغيير فرنسا لموقفها ناتج عن الضغط اللوبي الصهيوني في البلاد، والمباركة الفرنسية للمجازر، وحرب الإبادة التي شنتها القوات الإسرائيلية على الفلسطينيين على قطاع غزة".
وأضاف نشطاوي في تصريح ل"الأيام24″، أن تأكيد فرنسا على حصانة نتنياهو يُبين مدى تغلغل اللوبي الإسرائيلي في الساحة الفرنسية، مشيرا إلى أن "القادة الأوروبيين، سواء في الولاياتالمتحدة، أو في فرنسا نفسها، وحتى في هولاندا، يحسبون ألف حساب لعلاقاتهم مع اسرائيل".
ووفقا لقراءة أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية، فإن دواليب السياسة الداخلية في فرنسا هي التي أملت عليها تغيير موقفها، بما يتماشى ومصالحها مع الكيان الصهيوني، لذلك فلا غرابة، حسب نشطاوي، "أن بلدانا أخرى ستحدو حدو باريس، فيما يتعلق بمذكرة الاعتقال، وتأويله بأنه لا يمس شخصية تتمتع بالحصانة، وشخصية لم تصادق على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية، وبالتالي فإن فرنسا وجدت نوعا من المبررات تعلل عدم تطبيق القانون الدولي تجاه جرائم الحرب، التي ارتكبها الكيان الاسرائيلي في قطاع غزة أو حتى في جنوبلبنان".