أثار قبول الحكومة، بتعديل تقدمت به فرق الأغلبية التابعة لها، يرمي إلى تخفيض رسوم استيراد مادة العسل من 40 في المائة إلى 2.5 في المائة على عبوات من فئة 20 كيلوغراما، جدلا بخصوص وجود "شبهة تضارب المصالح" في التشريعات التي يقرها البرلمانيون، على اعتبار أن أكبر مستورد لهذه المادة هو نائب برلماني ينتمي لأحد مكونات الأغلبية البرلمانية.
وعلى خلفية هذا التعديل، نبه متتبعون إلى خطورة أن يتحول البرلمان إلى منصة لاقتراح وتبني القوانين والتعديلات التي تخدم مصالح رجال المال والأعمال على حساب المواطنين، معتبرين أن دور نواب الأمة الأساسي هو الدفاع عن المواطنين وليس عن اللوبيات الاقتصادية.
المحلل السياسي خالد البكاري، قال إن "استغلال رجال المال والنفوذ داخل الأغلبية البرلمانية لموقع أحزابهم في تسيير الحكومة من أجل تحصيل منافع خاصة كانت له سوابق في حكومات سابقة"، مستدركا: "لكن مع هذه الحكومة تزايد الأمر بوتيرة فاضحة جدا".
وأضاف البكاري، أنه يمكن الرجوع في هذا الإطار إلى ما تم سابقا من وقف لرسوم الاستيراد على رؤوس الأبقار والأغنام التي كانت موجهة للذبح في عيد الأضحى الماضي إضافة لتخصيص دعم ب500 درهم لكل رأس، مسجلا أن "هذا الأمر استفاد منه كبار الفلاحين الذين يشتغلون في قطاع اللحوم الحمراء، وأغلبهم -إن لم أقل كلهم- ينتمون لأحزاب الأغلبية الحكومية خصوصا الحزب الذي يقود الحكومة، وكان ذلك على حساب الفلاحين الصغار وعلى حساب ضرب القدرة الشرائية للمواطنين".
وأوضح البكاري، في تصريح ل"الأيام 24″، أن وقف رسوم استيراد الأبقار والأغنام، "أصبح أشبه بعملية احتكار، ولم يسفر عن أي انخفاض لأسعار اللحوم الحمراء"، مشيرا إلى أن "نفس الأمر كان مع الرسوم المخصصة للأعلاف التي استفاد منها كبار الفلاحين والذين يشكلون جزءً من القوة المالية التي تدعم أحزاب الأغلبية وخصوصا الحزب الأول الذي يقود الحكومة".
وأفاد البكاري، أن محاولة اللوبيات المالية السيطرة على المؤسسات التمثيلية خصوصا البرلمان من أجل أن تكون القوانين في صالحها، موجودة في كل الديمقراطيات العريقة في العالم، مبينا أنه يتم دعم أحزاب معينة أو رؤساء محتملين في الانتخابات مقابل خدمات يمكن أن يقدمها الناجحون لصالح هذه اللوبيات.
وتابع أن "الفرق هو وجود نظام قانوني يؤطر عملية تمويل الأحزاب السياسية والحملات الانتخابية وحتى عمل اللوبيات كما هو موجود في الولاياتالمتحدةالأمريكية بما فيها نظام ضريبي خاص بمعاملاتها"، مبينا أنه مع وجود نظام قانوني يوطر عمل هذه اللوبيات، فإن هناك أيضا "قوة مضادة لها سواء من داخل المؤسسات التمثيلية أو في المجتمع التي هي بالدرجة الأولى النقابات والصحافة والمجتمع المدني".
أما عن المغرب، فالذي يحدث اليوم، حسب البكاري، هو أنه "أمام محاولات إضعاف الصحافة والتحكم فيها وأمام ما تعيشه النقابات من تدهور نظرا لعوامل متعددة منها ما هو ذاتي وما هو موضوعي وكذلك عدم وجود أحزاب معارضة لها قوة عددية لها القدرة على إبطال مثل هذه القوانين، ستبقى الأبواب مشرعة لمحاولة استنبات قوانين تخدم مصالح اللوبيات المادية".
وخلص البكاري، إلى أن "هذه الحكومة هي أكثر الحكومات التي تخدم لوبي المال والأعمال، لأنها حكومة المصالح ورجال المال والأعمال، الذين لم يعد الأمر يقتصر بالنسبة لهم على إنتاج قوانين تخدم هذه الفئات وسن إعفاءات ضريبية لها، بل وصل الأمر إلى التضايق من المؤسسات الدستورية التي تنتج تقارير تؤكد أن هذه السياسات المتبعة حاليا لا تخدم أهداف رفع المستوى المعيشي للسكان ولا تدعم الادخار عند الطبقات المتوسطة والفقيرة، بل وتعمق الهوة الطبقية".