المغرب يشارك في أشغال الدورة الأولى لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب بالرياض    المغرب يستعد لإطلاق 5G لتنظيم كان 2025 ومونديال 2030    الكشف عن تشكيلة الحكومة الفرنسية الجديدة    ينحدر من إقليم الدريوش.. إدانة رئيس مجلس عمالة طنجة بالحبس النافذ    الفتح الرباطي يسحق النادي المكناسي بخماسية    أمن البيضاء يتفاعل مع مقطع فيديو لشخص في حالة هستيرية صعد فوق سقف سيارة للشرطة    رابطة حقوق النساء تأمل أن تشمل مراجعة مدونة الأسرة حظر كل أشكال التمييز        بوريطة : العلاقات بين المغرب والعراق متميزة وقوية جدا    ميداوي يقر بأن "الوضع المأساوي" للأحياء الجامعية "لا يتناطح حوله عنزان" ويعد بالإصلاح    الملك محمد السادس يعزي أفراد أسرة المرحوم الفنان محمد الخلفي    اختطاف المخيم وشعارات المقاومة    "البيجيدي": حضور وفد اسرائيلي ل"الأممية الاشتراكية" بالمغرب استفزاز غير مقبول    موانئ الواجهة المتوسطية: انخفاض بنسبة 17 بالمائة في كمية مفرغات الصيد البحري عند متم نونبر الماضي    "نيويورك تايمز": كيف أصبحت كرة القدم المغربية أداة دبلوماسية وتنموية؟    متضررون من الزلزال يجددون الاحتجاج على الإقصاء ويستنكرون اعتقال رئيس تنسيقيتهم    دياز يثني على مبابي.. أوفى بالوعد الذي قطعه لي    حملة اعتقال نشطاء "مانيش راضي" تؤكد رعب الكابرانات من التغيير    "بوحمرون" يستنفر المدارس بتطوان    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء            أخبار الساحة    تقديم «أنطولوجيا الزجل المغربي المعاصر» بالرباط    أجماع يعرض جديد حروفياته بمدينة خنيفرة    الأزمي: لشكر "بغا يدخل للحكومة على ظهرنا" بدعوته لملتمس رقابة في مجلس النواب    أطباء القطاع العام يخوضون إضرابا وطنيا لثلاثة أيام مع أسبوع غضب    في الحاجة إلى تفكيك المفاهيم المؤسسة لأطروحة انفصال الصحراء -الجزء الثاني-    تقديم العروض لصفقات بنك المغرب.. الصيغة الإلكترونية إلزامية ابتداء من فاتح يناير 2025    بمناسبة رأس السنة الأمازيغية.. جمهور العاصمة على موعد مع ليلة إيقاعات الأطلس المتوسط        فيديو "مريضة على نعش" يثير الاستياء في مواقع التواصل الاجتماعي    الكرملين يكشف حقيقة طلب أسماء الأسد الطلاق ومغادرة روسيا    محمد صلاح: لا يوجد أي جديد بشأن مُستقبلي    بنما تطالب دونالد ترامب بالاحترام    الجزائريون يبحثون عن متنفس في أنحاء الغرب التونسي    نيسان تراهن على توحيد الجهود مع هوندا وميتسوبيشي    سوس ماسة… اختيار 35 مشروعًا صغيرًا ومتوسطًا لدعم مشاريع ذكية    النفط يرتفع مدعوما بآمال تيسير السياسة النقدية الأمريكية    "سونيك ذي هيدجهوغ 3" يتصدر ترتيب شباك التذاكر    تواشجات المدرسة.. الكتابة.. الأسرة/ الأب    غضب في الجارة الجنوبية بعد توغل الجيش الجزائري داخل الأراضي الموريتانية    إعلامية فرنسية تتعرض لتنمر الجزائريين بسبب ارتدائها القفطان المغربي    إدريس الروخ يكتب: الممثل والوضع الاعتباري    تصنيف التنافسية المستدامة يضع المغرب على رأس دول المغرب العربي    السلطات تمنع تنقل جماهير الجيش الملكي إلى تطوان    حكيم زياش يثير الجدل قبل الميركاتو.. الوجهة بين الخليج وأوروبا        شركات الطيران ليست مستعدة للاستغناء عن "الكيروسين"    مواجهة نوبات الهلع .. استراتيجية الإلهاء ترافق الاستشفاء    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف يحدد رؤساء البيت الأبيض سياساتهم في الشرق الأوسط؟
نشر في الأيام 24 يوم 03 - 11 - 2024

Reutersالرؤساء السابقون جيمي كارتر، جورج بوش الأب، بيل كلينتون، جورج دبليو بوش، وباراك أوباما يحضرون حفلاً موسيقياً في جامعة تكساس 2017
منذ إعلان اتحاد ولاياتها في الرابع من يوليو/تموز عام 1776، وانتخاب أول رئيس لها عام 1789، حكم الولايات المتحدة الأمريكية 46 رئيساً كان أولهم جورج واشنطن، ومع توالي الرؤساء على المكتب البيضاوي، تختلف سياساتهم للتعامل مع الشرق الأوسط تحديداً، بين قرارات نابعة عن قناعات شخصية وأخرى تخضع للسياسة الأمريكية الأوسع.
ومع استعداد أمريكا لانتخاب رئيسها ال47 في نوفمبر/تشرين الثاني، نسلط الضوء على أبرز السياسات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، وكيف يتم وضعها.
بدأ الاهتمام الأمريكي بمنطقة الشرق الأوسط منذ أواخر القرن التاسع عشر، وازداد زخم ذلك الاهتمام مع نهاية الحرب العالمية الأولى وتفكك الدولة العثمانية واستقلال الدول العربية، وما عزز ذلك الاهتمام أكثر فأكثر، هو الاكتشافات النفطية في المنطقة والتي بدأت منذ ثلاثينيات القرن العشرين ووصلت ذروتها في فترة ما بعد الحربين.
ومنذ فترة الحرب العالمية الثانية، بدت المنطقة العربية بالنسبة للولايات المتحدة – القوة الصاعدة في العالم حينها – كنقطة استراتيجية لمتابعة الحرب، وكانت أول زيارة رسمية يؤديها رئيس أمريكي إلى المنطقة في ال22 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1943، حين زار الرئيس فرانكلين روزفلت مصر، وحضر مؤتمر القاهرة الأول لدول الحلفاء.
* ما مدى توسع الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر؟
على الرغم من أن تلك الزيارة لم تكن ذات علاقة مباشرة بالشرق الأوسط، إلا أنها كانت الزيارة الأساس التي بدأ عندها الاهتمام الأمريكي المركّز بالمنطقة، إذ زار بعدها الرئيس روزفلت مصر مرة أخرى في فبراير/شباط 1943، والتقى بملك السعودية حينها الملك عبد العزيز آل سعود على متن سفينة حربية أمريكية في قناة السويس، وناقش ذلك اللقاء نقطة انطلاق العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة، التي استندت على مبدأ تبادل النفط مقابل الأمن.
Getty Imagesحكم الولايات المتحدة الأمريكية 46 رئيساً كان أولهم جورج واشنطن
توالت بعد ذلك اللقاء زيارات الرؤساء الأمريكيين بشكل مُنتظم لمنطقة الشرق الأوسط، عدا خمسة رؤساء وهم هاري ترومان (1945 - 1953) وجون كينيدي (1961 – 1963) وليندون جونسون (1963 - 1969) وجيرالد فورد (1974 - 1977) ورونالد ريغان (1981 - 1989)، لم يزورا المنطقة أبداً.
ومع تزايد الاهتمام الأمريكي، باتت السياسة التي تتبعها الولايات المتحدة الأمريكية تشكل عاملاً مهماً في استقرار المنطقة، فعلى ماذا تعتمد تلك السياسة؟
من "عقيدة أيزنهاور" إلى "اتفاقات أبراهام"
يرى وزير الخارجية الأمريكي السابق هنري كيسنجر في كتابه "الدبلوماسية" الذي صدر عام 1994، أن السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط تعتمد على عدة عوامل من بينها المصالح الأمنية والاستراتيجية، والتحالفات الإقليمية والمصالح الاقتصادية المتمثلة في النفط والموارد الطبيعية.
فعلى سبيل المثال يرى كيسنجر أن المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط خلال فترة الحرب الباردة كانت "ترتبط بشكل أساسي بمنع توسع النفوذ السوفييتي في المنطقة"، وهو ما جعل واشنطن تتعامل مع "أنظمة غير مستقرة"، محاولة التوفيق بين "مصالح متعارضة".
ويعتبر كيسنجر أن تحول العلاقات الأمريكية المصرية بعد حرب 1973 كان خير دليل على ذلك، ويقول: "عندما أدار أنور السادات ظهره للاتحاد السوفييتي وتوجه نحو الغرب، كان ذلك بمثابة نقطة تحول في السياسة الأمريكية تجاه مصر، إذ أصبحت مصر حليفاً استراتيجياً لأمريكا في المنطقة، وهذا فتح الباب لمفاوضات كامب ديفيد".
أما فيما يخص الجانب الاقتصادي، يشير كيسنجر إلى أن "النفط لم يكن مجرد مورد اقتصادي حيوي، بل أصبح أداة استراتيجية في السياسة الدولية، ومن أجل تأمين هذا المورد، اضطرت الولايات المتحدة إلى الدخول في علاقات معقدة مع العديد من الأنظمة في الشرق الأوسط".
BBCشغل هنري كيسنجر منصب وزير الخارجية الأمريكي بين عامي (1973–1977)، ومنصب مستشار الأمن القومي الأمريكي بين عامي (1969–1975)، وأصدر عدة مؤلفات حول السياسة الخارجية الأمريكية
ومع قيام دولة إسرائيل عام 1948، أصبح الاهتمام الأمريكي مرتبطاً أيضاً بعوامل داخلية مثل الضغوط المستمرة من لجنة العلاقات الأمريكية الإسرائيلية "أيباك"، وشركات النفط والسلاح في الولايات المتحدة، إذ يقول كيسنجر "إن التحالف الأمريكي الإسرائيلي مبني على أسس تاريخية وسياسية عميقة، ولا يمكن تجاهل دور الضغط المحلي في دعم هذه العلاقة، هناك منظمات مؤيدة لإسرائيل تلعب دوراً في الحفاظ على هذه العلاقة وتوجيهها".
وباتت واشنطن تسعى للحفاظ على دعمها لإسرائيل كشريك في المنطقة بالإضافة لحفاظها على تحالفات مع دول مثل السعودية، ومصر، وتركيا، على الرغم من التعقيدات في العلاقات ما بين هذه الدول، ويوضح كيسنجر أن "الولايات المتحدة تجد نفسها في موقف حرج يتطلب دعم إسرائيل كشريك استراتيجي وحليف ديمقراطي في منطقة غير مستقرة، وفي الوقت نفسه تحاول الحفاظ على علاقات جيدة مع الدول العربية التي تشكل شريان الحياة لإمدادات النفط العالمية".
وعلى مدى عقود، اتخذ رؤساء الولايات المتحدة قرارات اعتبرت مصيرية في منطقة الشرق الأوسط، ومن أبرزها:
* "عقيدة أيزنهاور" عام 1957
وهو قرار اتخذه الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور ويضمن المساعدة الاقتصادية أو العسكرية الأمريكية لأي دولة في الشرق الأوسط بهدف مواجهة الشيوعية.
* معاهدة كامب ديفيد عام 1978
أشرف الرئيس جيمي كارتر على مفاوضات سلام بين إسرائيل ومصر، والتي أسفرت عن توقيع اتفاقيات كامب ديفيد، وهي أول اتفاقية سلام بين إسرائيل ودولة عربية.
* عاصفة الصحراء عام 1991
أقر الرئيس جورج بوش الأب قيادة تحالف دولي لإنهاء غزو القوات العراقية للكويت فيما يعرف ب"عملية عاصفة الصحراء".
* اتفاقية أوسلو 1993
رغم أن المفاوضات السرية التي أدت إلى الاتفاقية تمت في العاصمة النرويجية أوسلو وبتسهيلات من الحكومة النرويجية، إلا أن الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، كان حاضراً خلال توقيع الاتفاقية، والتزمت الحكومات الأمريكية المتعاقبة بدعمها.
* اتفاقية وادي عربة 1994
بعد التوقيع على اتفاق أوسلو، لعبت إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون، دور الوسيط بين الأردن وإسرائيل، وانتجت الوساطة توقيعهما اتفاق سلام بين البلدين.
* العقوبات على إيران عام 1995
قرر الرئيس بيل كلينتون فرض أول عقوبات اقتصادية شديدة على إيران بسبب دعمها المزعوم للإرهاب ومساعيها لتطوير أسلحة الدمار الشامل.
* غزو العراق عام 2003
اتخذ الرئيس جورج بوش الابن قراراً بغزو العراق بحجة منع بغداد من حيازة أسلحة دمار شامل، وإسقاط نظام صدام حسين.
* الربيع العربي عام 2011
اتخذت إدارة الرئيس براك أوباما قراراً بدعم ما يعرف بثورات الربيع العربي، التي أُسقطت فيها عدة أنظمة حاكمة في الشرق الأوسط.
* الاتفاق النووي الإيراني عام 2015
أشرفت إدارة أوباما على التوصل إلى الاتفاق النووي مع إيران، الذي يهدف إلى الحد من البرنامج النووي الذي تسعى إيران لتطويره.
* قمة الرياض 2017
حضر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قمة في الرياض في مايو أيار 2017، أسفرت عن توقيع اتفاقيات تجارية ضخمة بين الطرفين بلغت قيمتها مئات المليارات من الدولارات، بما في ذلك صفقات سلاح.
* الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في عام 2018
قرر الرئيس ترامب سحب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني، ما أثار انتقادات دولية واسعة.
* اتفاقات أبراهام 2020
قاد جاريد كوشنر، صهر الرئيس السابق دونالد ترامب وكبير مستشاريه محادثات بين إسرائيل ودول عربية منها الإمارات والبحرين، وأنتجت التوقيع على اتفاقية سلام بينها.
"قناعات الرئيس"
في مذكراته التي نشرها تحت عنوان "نقاط القرار" يقول الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن، إن قرار غزو العراق كان "قراراً شخصياً"، مشيراً إلى أنه تأثر بشكل كبير بقرارات والده جورج بوش الأب.
ويقول بوش الابن في مذكراته: "في نهاية المطاف، كانت هذه قراراتي، وأنا وحدي أتحمل مسؤولية نتائجها".
* لماذا شنت الولايات المتحدة وحلفاؤها حرب العراق قبل 20 عاما؟
وليس بوش الابن وحده من يُقر باتخاذ قرارات شخصية تجاه الشرق الأوسط، إذ يقول الرئيس السابق باراك أوباما الذي كان من أشد المنتقدين لقرار بوش بغزو العراق، في مذكرات نشرها بعد انتهاء ولايته تحت عنوان "أرض موعودة"، إنه "بعد النظر في الخيارات العسكرية، توصلت إلى أن التدخل العسكري في سوريا قد يؤدي إلى المزيد من الفوضى دون تقديم حل حقيقي للأزمة. لم أكن مستعداً لأن أتعلم درساً مريراً مثلما فعلنا في العراق"، وشدد على أن قرار عدم التدخل في سوريا كان قراره "الشخصي"، إذ كان يرى أن الشمولية والدبلوماسية هما السبيل الوحيد لإيجاد السلام في الشرق الأوسط، ويقول "أعلم أن الكثيرين رأوا في قراري هذا تراجعاً، وربما كان كذلك، لكنني كنت أؤمن بأن الدبلوماسية، وليس القوة العسكرية، يجب أن تكون الحل".
Reutersمن اليسار - الرؤساء السابقون جورج بوش الأب، باراك أوباما، جورج دبليو بوش، بيل كلينتون، جيمي كارتر، في المكتب البيضاوي 2009
وفي وقت كانت تنتقد فيه الخارجية الأمريكية السعودية مقتل الصحفي جمال خاشقجي، قال الرئيس الأمريكي حينها إن "السعودية شريك مهم جداً لنا. نعم، ما حدث لجمال خاشقجي كان مروعاً، لكننا نضع مصالحنا الاستراتيجية أولاً، نحن بحاجة إلى السعودية لمواجهة إيران والتعاون في العديد من المجالات الاقتصادية"، وهو ما يراه البعض موقفاً شخصياً لترامب، يتعارض مع السياسة العامة الأمريكية حينها.
يقول مدير برنامج الشؤون التشريعية بجامعة جورج واشنطن، كايسي بورغيت لبي بي سي، إن الصراعات مثل تلك التي كانت في العراق وسوريا دفعت كل رئيس أمريكي للاستفادة من "الدروس خلال الولاية السابقة"، ويعزو القرارات الشخصية للرؤساء إلى مدى استفادتهم من تلك الدروس.
* مواقف أثارت جدلا خلال زيارة ترامب للسعودية
ويرى بروغيت أن العلاقات الشخصية بين رؤساء الولايات المتحدة وقادة الشرق الأوسط يمكنها أن تؤثر على السياسات الأمريكية العامة، مستشهداً ب"العلاقات القوية لترامب مع إسرائيل والسعودية" والتي اعتبر أنها كانت "تُسرع تحقيق أهداف سياسية محددة"، لكنه أكد أن القرارات الشخصية لأي رئيس أمريكي "عادة ما تعمل ضمن الأطر القائمة" للسياسة العامة.
ويؤكد بروغيت أن جميع القرارات التي يقول القادة الأمريكيون إنهم اتخذوها بشكل شخصي، أبقت "السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط التي - تتجذر في المصالح الأمنية والاقتصادية طويلة الأجل - مستقرة إلى حد كبير"، موضحاً أن التغيرات بين رئيس وآخر تميل إلى أن تكون في الأسلوب والتكتيكات وليس في الأهداف الأساسية.
من جانبه يرى المستشار السابق في وزارة الخارجية الأمريكية حازم الغبراء، أن هناك رؤساء أمريكيين اتخذوا قراراتهم لأسباب سياسية وضغوط إعلامية أو شعبية، وقد يكون لديهم "الخبرة الكافية لمعرفة أن التوجه الذي يطرحونه قد يكون له آثار جانبية أو ردود فعل عكسية"، مشيراً إلى أن شخصية الرئيس تلعب دوراً كبيراً في الولايات المتحدة، إذ تمكنه من "الضغط لاتخاذ قرار معين"، لكنه يُقلل في المقابل من مدى واقعية أن تكون "المصالح الشخصية" أساساً لاتخاذ القرار في الولايات المتحدة.
"الدولة العميقة"
ويقول الغبراء لبي بي سي، إن هناك مجموعات في الولايات المتحدة، من بينها مجلس الأمن القومي، تُعتبر أساس اتخاذ القرار السياسي الخارجي، موضحاً أن هذه المجموعات مكونة من وزراء ومستشارين متخصصين كوزير الخارجية ووزير الدفاع والأمن القومي ومستشار الأمن القومي ووزير الأمن الوطني، وهم المعنيون باتخاذ قرارات الحرب أو السلم، ويضيف: "الموضوع ليس ببساطة أن الرئيس يريد غزو العراق، بل هو أعقد بكثير، إذ أن هناك تفكيراً أمريكياً أوسع يشارك فيه الكثيرون".
ويوضح الغبراء أن هناك نوعان من الموظفين في الحكومة الأمريكية، "موظف مُنتخب وآخر يتمّ تعينه، ومع تغيّر الرئيس يتم تغيير غالبية هؤلاء الموظفين، إلا أن هناك من بينهم من كرّس حياته لقضايا الشرق الأوسط ومشاكل الشرق الأوسط، وعادة ما يراهم البعض على أنهم الدولة العميقة".
BBCكان الرئيس السابق دوايت أيزنهاور، من أوائل الرؤساء الأمريكيين الذين يتحدثون علناً عن الضغوط التي تمارسها شركات السلاح ورؤوس الأموال على اتخاذ القرار في واشنطن
ولا تقرّ الولايات المتحدة بوجود ما يُعرف بمصطلح "الدولة العميقة" الذي بدأ استخدامه مطلع التسعينيات، إلاّ أن بعض الرؤساء الأمريكيين أشاروا في مناسبات عدة إلى الضغوط التي تمارسها بعض الجهات على صنع القرار الأمريكي، لا سيما ما يتعلّق بالسياسة الخارجية، كشركات السلاح ورؤوس الأموال التي تحدث عنها الرئيس السابق أيزنهاور في خطابه الوداعي عام 1961، حين قال: "يجب أن نحذر من اكتساب التأثير غير المبرر، سواء كان مطلوباً أو غير مطلوب، من قبل المجمع الصناعي العسكري، الإمكانات الكارثية لوجود هذه القوة موجودة ويجب أخذها بجدية".
لكن الرئيس السابق دونالد ترامب كان أكثر صراحة فيما يخص "الدولة العميقة"، إذ قال بعد خسارته الانتخابات السابقة: "هناك دولة عميقة، وما يحدث شيء لا يصدق، يجب أن نزيلهم".
يقول مدير برنامج الشؤون التشريعية بجامعة جورج واشنطن، إن وكالات الأمن والاستخبارات الأمريكية تلعب دوراً كبيراً في تشكيل سياسة الشرق الأوسط، وذلك من خلال توفير رؤى حاسمة تؤثر بدورها على الاستراتيجية المتبعة والاستجابة لأي أزمة.
ويرى بروغيت أنه على الرغم من ذلك التأثير الكبير، إلا أنها لا تعتبر أساسية في عملية صنع القرار "المعقدة"، التي تشمل اعتبارات اقتصادية ودبلوماسية أخرى.
بين هاريس وترامب، ماذا ينتظر الشرق الأوسط؟
ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، تتزايد التكهنات حول كيف ستكون سياسات دونالد ترامب، وكمالا هاريس في حال وصول أي منهما للبيت الأبيض، خاصة في وقت تستمر فيه الحرب في غزة ولبنان، وتتصاعد فيه المخاوف من التوسع الإيراني في المنطقة، بالإضافة إلى محاولات توسيع النفوذ الصيني والروسي في الشرق الأوسط.
Getty Imagesأجرت كامالا هاريس ودونالد ترامب مناظرة رئاسية في مركز الدستور الوطني في فيلادلفيا مطلع سبتمبر/أيلول 2024.
ويقول دونالد ترامب إن الحروب في المنطقة "ما كانت لتندلع لو كان رئيساً للولايات المتحدة"، ويؤكد خلال مناسبات عدة على دعمه الكامل لإسرائيل، ولطالما ركز على انتقاد إيران.
بينما تركز هاريس التي التحقت بركب الترشح مؤخراً على القضايا الداخلية في الولايات المتحدة، وعلى الرغم من أنها لم تحدد سياستها بشكل واضح، إلاّ أنها أقرت بدعمها ل"إعادة الأمل إلى الفلسطينيين والإسرائيليين من خلال عملية سلام حقيقية تستند إلى العدالة وحقوق الإنسان"، بينما أشارت إلى إيمانها بإعادة إيران إلى "مسارها الصحيح".
يرى بروغيت أن سياسة كل من ترامب وهاريس ستعتمد بشكل كبير على السياسة العامة للجمهوريين والديمقراطيين، مع المحافظة على المصالح الأمريكية "الثابتة نسبياً"، موضحاً أن الجمهوريين غالباً ما يركزون على الدعم العسكري، بينما يميل الديمقراطيون نحو الدبلوماسية والتنمية، وهذه السياسات ستنعكس على توجه أي من المرشحين في حال فوزه.
* مع بدء العد التنازلي للاقتراع، الصراع يحتدم بين ترامب وهاريس
ويقدّر بروغيت أنه مع صعود الصين وروسيا، قد تركز السياسة الأمريكية بشكل أكبر على مواجهة النفوذ الأجنبي في الشرق الأوسط، "من خلال تعزيز التحالفات والشراكات الاقتصادية مع الحلفاء في المنطقة"، مشيراً إلى أن هذا التحول يساعد على "حضور أمريكي تعاوني أكثر من التدخل المباشر الذي أثبت فشله".
بينما يقول المستشار السابق في وزراة الخارجية الأمريكية حازم الغبراء، إن هناك ضرورة الآن لإعادة بناء العلاقات والشراكات التاريخية الأمريكية في المنطقة، التي أصابها "أذى كبير في عهد بايدن، تحديداً مع دول الخليج العربي".
ويرى الغبراء أن فترة كامالا الرئاسية في حال فوزها ستكون امتداداً لفترة بايدن دون تغيير كبير في التوجهات خصوصاً في السياسة الخارجية، بينما يعتقد أن ترامب سيعود بسياسته الاقتصادية في مواجهة التوسع الصيني في الشرق الأوسط، في حين سيكون "أكثر حزماً" في التعامل مع إيران، و"لن يترك إسرائيل وحدها في مواجهة عسكرية"، بحسب رأيه.
* دليل مبسط لفهم مختلف مراحل الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024
* الانتخابات الأمريكية: لماذا غابت المرأة عن منصب الرئاسة في الولايات المتحدة؟
* ما هي قصة "الحمار والفيل" اللذين يحكمان الولايات المتحدة منذ عقود؟
* قصة الدبلوماسي الذي كان على وشك منع غزو العراق 2003


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.