انفجار غير مسبوق في الإنفاق العسكري الجزائري، ستبصم عليه البلاد في مشروع قانون مالية 2025 المرتقب المصادق عليه نهاية هذه السنة، فقد أظهرت بيانات أنها الأضخم في تاريخ البلاد، بمبلغ ناهز 126 مليار دولار، استحوذت فيها وزارة الدفاع على حصة الأسد من الموارد المالية، بحوالي 25 مليار دولار.
ويعكس الإقبال المتزايد على ضخ المليارات لتقوية القدرات العسكرية لهذا البلد المغاربي، حجم المخاوف الأمنية والتهديدات التي يروج "حكام المرادية" بأنها تواجه دولتهم في المنطقة، ثم التلويح بقرع طبول الحرب مع الجارة الغربية، المملكة المغربية.
لمن تتسلح الجزائر؟ عن خلفيات هذا التوجه، أقر الكاتب والمحلل السياسي الجزائري توفيق بوقاعدة، بأنه يعتبر "سابقة في تاريخ البلاد"، موضحا أن سببين رئيسين يتحكمان فيه؛ أجمل الأول في سعي الجيش الجزائري إلى "تحديث منظومته الدفاعية بما يتماشى والتطور الحاصل في التكنولوجيا الجديدة في مختلف أنواع الأسلحة".
أما السبب الثاني فيكمن، يضيف بوقاعدة، في التوترات التي يشهدها المحيط الإقليمي للبلاد، خاصة في الساحتين الليبية والنيجيرية، إضافة إلى تصعيد الجيش المالي لتحركاته العسكرية بدعم من عناصر "فاغنر" قرب الحدود لملاحقة الانفصاليين الطوارق، يفرض على البلاد تحديث ترسانتها العسكرية والتأهب لمواجهة أي تهديدات محتملة.
وبرز بقوة التسابق الجزائري اللافت نحو التسلح العام الماضي، وهو ما أظهره تقرير صادر عن معهد "ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام"، عندما كشف زيادة مشتريات الجزائر من الأسلحة والمعدات العسكرية لتبلغ 18.3 مليار دولار، بزيادة بنسبة 76 في المئة مقارنة بعام 2022، مقابل خفض المغرب لإنفاقه العسكري، إذ لم تتجاوز المقدرات المالية التي اعتمدها 5.2 مليار دولار، بانخفاض قدر ب2.5 في المائة.
لا تنظر الولاياتالمتحدة وحلفاؤها من محور الغرب بعين الرضا لقرارات السلطات الجزائرية في هذا الباب، فقد سبق لواشنطن أن أبدت انزعاجها من إمكانية توظيف ملايير الدولارات لعقد صفقات تسلح مع روسيا، المورد الرئيسي للسلاح إلى الجزائر، سيما في ظل العقوبات المفروضة على موسكو بسبب غزوها أوكرانيا.
تغذية العداء مع المغرب
هذه الانتقادات، لا تقتصر على الخارج فقط، بل تمتد إلى الداخل الجزائري، حيث ترتفع الكثير من الأصوات المطالبة بتوجيه تلك المقدرات المالية الهائلة نحو تحسين الأوضاع الاقتصادية والمجتمعية ومستوى عيش الجزائريين، الذين يعانون من ارتفاع معدل البطالة بنحو 12.3 في المئة، خلال عام 2023.
الناشط الجزائري المعارض شوقي بن زهرة، يقول إنه "في نهاية مرحلة حكم عبد العزيز بوتفليقة، كانت ميزانية الجيش بالكاد تصل إلى 8 مليار دولار، بينما اليوم وصلت في عهد عبد المجيد تبون إلى 25 مليار دولار بالنسبة لبلد ليس لديه أي تدخلات عسكرية خارج حدوده".
وأكد بن زهرة في تصريح ل"الأيام 24″ أن "الجزائر تجاوزت من حيث الإنفاق العسكري، حتى البلدان التي تخوض حروبا مباشرة حاليا، على غرار إيران وإسرائيل"، مؤكدا أن هذا النهم لديه ما يفسره في حديث جنرالات الجزائر عن الاستعداد إلى نشر قوات بجوار منطقتي تندوف وبشار تأهبا لحرب مع المغرب، لن تكون مباشرة".
ولفت المتحدث ذاته، إلى أن "هذه الميزانية موجهة لتغذية العداء مع المملكة المغربية، وتحمل رسالة بأن الجيش الجزائري يستعد للمواجهة، ولو أن الجزء الكبير منها في العشرية الأخيرة، يتم نهبه وتحويله لصالح "البوليساريو" بدعوى مساندة التحرر ضدا في المغرب"، مشددا على أن "التبريرات التي يسوقها النظام لتبرير صفقات الأسلحة هاته عير مقنعة، وهو ما يظهر في الميزانية السابقة التي بلغت 22 مليار دولار، لكنها غير معتبرة بتاتا".