غير آبه بالانتقادات الشديدة التي تلاحقه كلما استعمل لغة غير العربية للتواصل مع المغاربة، يمعن عزيز أخنوش رئيس الحكومة، في استخدام العامية عند مخاطبة الرأي العام عبر صفحاته الرسمية على منصات التواصل الاجتماعي، بشكل لافت، مثيرا بذلك استياء المدافعين عن "لغة الضاد"، الذين يرون في سلوك رئيس الجهاز التنفيذي "مسا خطيرا باللغة الدستورية للبلاد".
ولم تكد تخبو عاصفة الانتقادات التي وجّهها إليه أكاديميون وإعلاميون ومثقفون ومدافعون عن الفصحى، عقب التهنئة التي قدّمها ب"الدَّارِجَةِ" عبر صفحته ب"فيسبوك" للمنتخب الأولمبي بعد فوزه بالميدالية البرونزية في الألعاب الأولمبية "باريس 2024″، قبل أيام قليلة، حتى عاد أخنوش ليأتي ما نُهي عنه.
هذه المرة، دوّن أخنوش بمناسبة ذكرى استرجاع وادي الذهب التي خلدها المغرب أمس الأربعاء 14 غشت الجاري، قائلا في منشور: "اليوم بلادنا كتخلد الذكرى الخامسة والأربعين لاسترجاع إقليم وادي الذهب اللي كتعتبر محطة كبرى في مسيرة استكمال الاستقلال وتحقيق الوحدة الترابية (…)" ثم بعدها بساعات أطل بتدوينة مماثلة جاء فيها "تشرفت اليوم بتمثيل جلالة الملك محمد السادس، الله ينصرو، فاحتفال فرنسا بالذكرى الثمانين لإنزال بروفانس، حيث سعدت باستقبالي من طرف الرئيس الفرنسي، السيد إيمانويل ماكرون. هاد الاحتفالات عندها رمزية كبيرة بالنسبة للجنود الأفارقة، ومن بينهم مغاربة، اللي شاركوا إلى جانب الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية (…)".
تعليقا عل هذا الموضوع، اعتبر فؤاد أبو علي رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، أن توظيف رئيس الحكومة العامية في منشوراته "يسائل مدى امتثاله للنص الدستوري وفهمه لمناط السياسة اللغوية التي نص عليها الفصل الخامس من الدستور المغربي".
الفصل الخامس من دستور المملكة ينص على أن "تظل العربية اللغة الرسمية للدولة. وتعمل الدولة على حمايتها وتطويرها، وتنمية استعمالها. تعد الأمازيغية أيضا لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء".
وسجل المتحدث، في تصريح ل"الأيام 24″ أنه "ليست هذه المرة الأولى التي يستعمل فيها رئيس الحكومة العامية في منشوراته"، لافتا إلى أنه "منذ أن وطئت قدماه بوابة المشور السعيد وهو يرسل الإشارات تلو الأخرى، معلنا عن محاربة اللغة العربية الفصحى، تارة باستعمال اللغة الأجنبية في اللقاءات الرسمية، وتارة أخرى بفرض هندسة لغوية قائمة على المخاطبة الكتابية بالدارجة".
في السياق ذاته، استحضر أبو علي، الملم بعلم اللسانيات، "المنشورات المتعددة لرئاسة الحكومة التي غدت تخاطب المغاربة بالعامية في ضرب صريح لكل النصوص القانونية والأعراف السياسية التي تعارف عليها المغاربة"، إضافة إلى بعض الأمثلة الدالة بحسبه على وجود "حرب على العربية بكل الآليات"، من قبيل الأخطاء المتعمدة في تلاوة أخنوش تقاريره أمام البرلمان، وعقد مجالس رسمية باللغة الفرنسية"، ليخلص إلى أن المنشور الأخير لرئيس الحكومة "ليس عفويا أو صدفة، بل هو مسار مقصود من الحرب على اللغة الرسمية للدولة".