دخلت المعركة المحتدمة بين الشغيلة الصحية وحكومة عزيز أخنوش، مرحلة اللاعودة، في ظل تشبث التنسيق الوطني بقطاع الصحة، المكون من ثماني نقابات، بخيار التصعيد، عبر مواصلة شل المستشفيات العمومية والتلويح بالانخراط في أشكال تصعيدية جديدة، قد تشمل مقاطعة العمليات الجراحية، مما سيحرم الآلاف من المرضى المغاربة من حقهم في العلاج.
وإلى جانب الاستمرار في خوض إضرابات لمدة ثلاث أيام من كل أسبوع تستثنى منها أقسام المستعجلات والإنعاش، فضلا عن تنفيذ وقفات احتجاجية إقليمية وجهوية ستتوج بمسيرة وطنية مرتقبة في الأيام القليلة المقبلة بالعاصمة الرباط، أعلن التنسيق النقابي عن خطوات تصعيدية جديدة، تتمثل في مقاطعة تقارير البرامج الصحية والحملات وكل الاجتماعات مع الإدارة.
كما تعتزم الكوادر الطبية والتمريضية وشبه الصحية، في حال عدم تجاوب الحكومة مع مطالبها، مقاطعة برنامج العمليات الجراحية باستثناء المستعجلة منها، علاوة على مقاطعة الفحوصات الطبية المتخصصة بالمستشفيات، إلى جانب الامتناع عن تنفيذ كل البرامج الصحية وتقاريرها وعدم الانخراط في الوحدات المتنقلة والقوافل الطبية.
كذلك، تتجه الشغيلة الصحية إلى الكف عن عمليات تحصيل مداخيل فواتير الخدمات المقدمة وكل المداومات ذات الطابع الإداري المحض، مع تنظيم مسيرات والقيام باعتصامات إقليمية ومحلية وجهوية.
المنتظر العلوي رئيس النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام، يرى في هذه الخطوات الاحتجاجية التصعيدية "انعكاس لحجم التذمر والسخط والغضب لدى الشغيلة الصحية بكل مكوناتها"، منتقدا في تصريح ل"الأيام 24" استمرار "صمت الحكومة والتنكر لمطالب مهنيي الصحة وتجاهل الاتفاقات والمحاضر الموقعة، واستهتارها بالمجهودات التي قام بها كل الشركاء الاجتماعيين في إطار جولات الحوار القطاعي وتنصلها من مضامينه".
وحمَّل العلوي الحكومة كامل المسؤولية بشأن ما يعرفه القطاع الصحي من احتقان شديد، وسجل أن تداعيات هذا الوضع ستنعكس على نجاح تنزيل ورش إصلاح المنظومة الصحية، مشددا على وجوب الاسجابة إلى المطالب التي يرفعها العاملون في هذا المجال الحيوي، بكل فئاتهم ودون مزيد من المماطلة أو التسويف.
من جهته، اعتبر التنسيق النقابي أن ما وصفها ب"الخرجات غير الموفقة لبعض المسؤولين الحكوميين، ومحاولات الهروب إلى الأمام، والتنصل من الالتزامات المتعلقة بمطالب الشغيلة الصحية"، يعمق "الإحساس بانعدام الثقة في الحكومة، ويزيد في منسوب الاحتقان بقطاع الصحة، ويبعث برسالة واضحة لمن يهمهم الأمر، مفادها أن الشغيلة الصحية في ظل هذا الوضع الشاذ وغير المسبوق لايمكنها أن تنخرط في أي إصلاح مرتقب عنوانه التنكر لمطالبها المشروعة والعادلة والمتفق بشأنها".
وبعد وقوفه على ما أسماه ب"انفصام الخطاب الحكومي تجاه صحة المواطنين، ما بين الشعار والممارسة، بافتعال نزاع اجتماعي لا مبرر له"، لفتت النقابات الصحية المحتجة، في بيان مشترك، إلى تأثير إضراباتها على المواطن، الذي أصبح، بحسبها، "رهينة في صراع افتعلته وأججته الحكومة بصمتها المريب وتجاهلها غير المفهوم لانتظارات الشغيلة الصحية وذلك بعدم الاستجابة لمطالبها وبضربها عرض الحائط لمصداقية الحوار القطاعي الذي تنص على ضرورته وأهميته كل المواثيق الوطنية والدولية".