يبدو أن ملف "الحراك المائي" بفكيك أخذ منحى آخر ومن المنتظر أن يحمل مستجدات ساخنة في الأيام المقبلة، بعد تقديم تسعة أشخاص من المعارضة استقالتهم بشكل جماعي من العمل داخل مجلس المدينة ذاتها، بعد تجاوز 190 يوما من احتجاجات الساكنة التي لا زالت في صراع مع المجلس الذي أفرزته صناديق الاقتراع.
وحسب مراقبين، فإن قضية "حراك فكيك" شابتها مجموعة من الخروقات القانونية المتعلقة بالقانون التنظيمي للجماعات 14.113، وأيضا القانون 83.21 الذي بواسطته أنشئت الشركات الجهوية المساهمة، الأمر الذي يطرح تساؤلات كثيرة حول "صحة انعقاد الدورات الاستثنائية للمجلس ومدى قانونية تدخل بعض الجهات في الموضوع".
أحمد نور الدين، المحلل السياسي، يقول إن "الحلّ واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، يكمن في احترام إرادة الناخبين والمواطنين وإلغاء مقرر فاتح نونبر القاضي بتفويت مرفق تدبير الماء إلى شركة جهوية مساهمة".
وأضاف نور الدين، في تصريح ل"الأيام 24″، أنه "بعد استقالة نصف أعضاء المجلس الجماعي لفكيك، يمكن أن نعتبرها فرصة أخرى تمنحها هذه الاستقالة الجماعية بمثابة مخرج للمصالح المركزية لوزارة الداخلية كي تنظم انتخابات في كل دوائر مدينة فكيك، وعدم الاقتصار على انتخابات في الدوائر التي استقال مستشاروها، وهذا الخيار يمنحه القانون لوزير الداخلية، وبذلك يتم انتخاب مكتب جديد يعبر عن إرادة الناخبين".
وتابع أن "الذي فجّر الأزمة وأخرج المواطنين بالآلاف في حراك شعبي سلمي وحضاري استمر قرابة سبعة أشهر إلى اليوم، هو خرق القانون التنظيمي للجماعات 14.113 والتراجع عن المكاسب الديمقراطية التي ضحى من أجلها كل المغاربة خلال سنوات الرصاص، بالإضافة إلى خرق القانون 83.21 ذاته الذي بموجبه أنشئت الشركات الجهوية المساهمة، والحلّ يكمن في إزالة أسباب الأزمة واستعادة هيبة القانون وردّ الاعتبار للديمقراطية، وسأوضح المقصود في بضع عبارات".
وأكد نورالدين، أنه "بغض النظر عن الخروقات القانونية والمِسطرية التي صاحبت عقد الدورة الاستثنائية يوم فاتح نونبر، سأكتفي بالتذكير بما تنص عليه المادة 117 من القانون التنظيمي للمجالس الجماعية حين أكدّت على أن دور عامل الإقليم أو العمالة يتوقف عند التّعرض على "المقررات التي لا تدخل في صلاحيات مجلس الجماعة، أو التي تشكل خرقاً للقانون".
"والحال أنّ مقرر 26 أكتوبر المتخذ بالإجماع والرافض لتفويت مرفق الماء للشركة، يتعلق بموضوع يدخل ضمن الاختصاصات الذاتية للمجلس الجماعي المنصوص عليها بنص القانون التنظيمي نفسه، وتمت برمجته في جدول الأعمال بتأشير من عامل الإقليم كما تنص عليه القوانين الجاري بها العمل"، يوضح المحلل السياسي.
وأشار نورالدين، إلى أن "التعرض عليه غير ذي موضوع ولا يدخل في إطار ما يسمح به القانون لذلك تم اللجوء إلى المادة 37 من نفس القانون قصد الدعوة إلى عقد دورة استثنائية لإبطال مقرر 26 أكتوبر الذي اتخذه المجلس بالإجماع في احترام تام لكل المساطر والقوانين الجاري بها العمل".
وزاد أنه "حتى اللجوء إلى المادة 37، للدعوة إلى عقد دورة استثنائية يوما واحدا بعد دورة عادية يوم 26 أكتوبر، يقتضي من عامل الإقليم تعليل وجه الاستثناء في هذه الدورة التي ناقشت بعد أربعة أيام فقط في فاتح نونبر موضوعا لا يشكل أي استثناء بل تم التداول فيه واتخذ فيه قرار بالإجماع".
واعتبر نور الدين، أن "هذا ما يطرح سؤال خرق القانون وسؤال التحايل على القانون التنظيمي للجماعات، وسؤال التدخل خارج روح ونص القانون في اختصاصات سلطة منتخبة لتغيير مقرر اتخذ بالإجماع وأكرر بالإجماع".
وخلص المتحدث تصريحه قائلا: "هذا ما يفرض علينا سؤالا أكبر وأعمق عن الجدوى من المجالس المنتخبة إذا كانت ستلغى مقرراتها بقرارات ممثل السلطة التنفيذية، ويطرح السؤال عن احترام "الخيار الديمقراطي" الذي كرسه الدستور و"احترام إرادة الناخبين" على الأقل محليا، وهنا كلّ الخطورة في الأزمة القانونية والديمقراطية التي فجرتها قضية الماء بفكيك، وحوّلتها من قضية محلّية إلى قضية وطنية بامتياز حول الخيار الديمقراطي ببلادنا".