يعيش الجيش المغربي هذه الأيام، حالة من الاستنفار بمنطقة “الكركرات” الواقعة على الحدود المغربية الموريتانية، وذلك بعد أن توغلت قوات جبهة البوليساريو بالمنطقة الحدودية. ورفع الجيش المغربي درجات اليقظة والاستنفار إلى أقصى حد، كما أمر المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة العسكرية الجنوبية، بحشد الجيش المغربي لمئات الجنود والآليات العسكرية على بعد أمتار من الحدود الموريتانية، بعد أن شوهدت دوريات للشرطة المدنية التابعة ل”البوليساريو” تجول بالمنطقة.
واستأثر هذا التطور المفاجئ باهتمام المتابعين للملف الشائك في المنطقة؛ ما جعلهم يطرحون مجموعة من التساؤلات، أهمها، هل ستنشب حرب ضروس بين المغرب و”البوليساريو” في “الكركارات”؟
ويرى سعد ناصر، المحلل السياسي والأكاديمي المغربي في تصريح لموقع “إرم نيوز”، أن “استنفار الجيش المغربي لا يشكل أي خطورة بالمعنى الحقيقي للكلمة، باعتبار النوايا التي تكتنف البوليساريو، إذ إن هذه الأخيرة، لا ترغب في دخول حربٍ خاسرة، لذلك فإن السلوك الذي تنتهجه هذه الجبهة يكاد يكون روتينيًا مع اقتراب حلول شهر أبريل من كل عام، والذي يوافق التقرير الأممي ومعه قرار مجلس الأمن الدولي حول نزاع الصحراء”.
وأضاف الخبير السياسي: “خيار الحرب يبقى أبعد ما يكون على الأقل في الوقت الراهن، خاصة في ظل سياسة البحث عن امتيازات دبلوماسية ودولية بين المغرب والجزائر، إذ شاهد العالم كيف تمر الحرب الباردة، وحرب استقطاب اعترافات وسحب اعترافات بين الجارين الجزائري والمغربي بخصوص جبهة البوليساريو، التي شهدت تراجعًا في الوقت الراهن على مستوى الاعتراف قاريًا ودوليًا”.
من جانبه يرى محمد الفتوحي، المحلل السياسي المغربي في تصريح ل “إرم نيوز”، أن “المواجهة العسكرية بين المغرب والبوليساريو مستبعدة حاليًا، خصوصاَ وأن بعثة المينورسو تمثل الأممالمتحدة بمنطقة الكركارات، وهي حريصة على تطبيق شروط وقف إطلاق النار”.
واعتبر الفتوحي أن “الاستنفار العسكري بالكركارات هو مجرد خطة استباقية من طرف المملكة لتأمين حدودها، وحماية الأمن في الساحل والصحراء، خصوصًا وأن هذه المنطقة الحساسة قد تشهد تسلل المتطرفين”. وشدد على أن المغرب “يتعامل بعقلانية مع هذه التطورات، ولديه قوة عسكرية بإمكانها مسح هذه الجبهة الانفصالية، غير أنه يسلك طريق التفاوض عن طريق المنتظم الدولي، وفي الوقت نفسه يكشر عن أنيابه العسكرية في الوقت المناسب”.
وبحسب تقارير صحفية، فقد حرك الجيش المغربي خلال اليومين الماضيين مروحياته وأسلحته الثقيلة نحو منطقة “الكركارات” رداً على ما سمته “استفزازات جبهة البوليساريو”، التي وضعت حاجزاً عسكرياً في المركز الحدودي الذي يربط بين المغرب وموريتانيا، وعمدت إلى نشر أفراد من ميليشياتها، ومحاولتها عرقلة المرور في المنطقة العازلة “في تحد لمجلس الأمن، وخرقٍ لقواعد قانونية دولية”.
كما تم تغيير عناصر من القوات المساعدة بأخرى من نخبة الجيش تمتلك خبرة كبيرة، كما تم تعزيز المعبر الحدودي القريب من “الكركارات” بعناصر من الدرك الحربي والدرك الملكي وعناصر من فرق المشاة.
وفي ظل هذا التوتر الحاصل، سارع المبعوث الشخصي للأمين العام إلى الصحراء، هورست كوهلر، لاحتواء أزمة الكركارات الآخذة في التضخم، عبر برمجته زيارات عمل متتالية إلى مجموعة من مؤسسات الاتحاد الأوروبي.
والتقى كوهلر بالمفوضة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، لبحث الوضع في الصحراء.
وحسب مصادر إعلامية متطابقة، فقد كان اللقاء فرصة لتبادل وجهات النظر بشأن استئناف عملية السلام في الأممالمتحدة لمنطقة الصحراء.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، أعرب يوم السبت، عن “قلقه البالغ” إزاء التوترات الأخيرة المتزايدة بالقرب من “الكركارات”.
ودعا غوتيريس، في هذا السياق، إلى “ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وتجنب تصعيد التوترات”، مشدداً على “ضرورة عدم عرقلة حركة المرور المدنية والتجارية العادية وعدم اتخاذ أي إجراء قد يشكل تغييرًا في الوضع الراهن”.