اقتحمت الشرطة التونسية مقر عمادة المحامين التونسيين وسط العاصمة تونس، مساء اليوم السبت، لتلقي القبض على المحامية سنية الدهماني المتحصنة بالمقر منذ مساء أمس الجمعة، بسبب ملاحقة قضائية على خلفية تصريح صحافي.
واحتمت الدهماني بدار المحامي بعد قرار قاضي التحقيق الأول بالمحكمة الابتدائية في تونس بإلقاء القبض عليها، وقال محامون إن الشرطة التونسية أحاطت بمقر عمادة المحامين منذ مساء أمس الجمعة واقتحمت اليوم المقر وألقت القبض على الدهماني.
وذكرت تقارير إعلامية دولية، أن إلقاء القبض على الدهماني هو الأحدث في سلسلة من الاعتقالات والتحقيقات التي شملت ناشطين وصحافيين ومسؤولي منظمات من المجتمع المدني ينتقدون سياسات الحكومة والرئيس.
وتفاقم هذه الخطوة مخاوف المعارضين من نهج أكثر تشددا وتضييق على الحريات بشكل متزايد قبل انتخابات رئاسية متوقعة هذا العام.
وجاء إلقاء القبض على المحامية الدهماني بعد أن قالت في برنامج تلفزيوني مؤخرا إن تونس بلد لا يطيب فيه العيش، وذلك تعليقا على خطاب للرئيس ذكر فيه أن تدفق آلاف المهاجرين من دول جنوب الصحراء الكبرى للبقاء في تونس أمر يثير الريبة حول أهدافه ومن يقف وراءه.
واستدعى قاضي التحقيق الدهماني بشبهة نشر شائعات والمساس بالأمن العام إثر تصريحاتها، لكنها طلبت تأجيل التحقيق القضائي، وهو ما رفضه القاضي الذي أصدر قرارا بإحضارها.
ومنذ انتفاضة تونس عام 2011، أصبحت حرية الصحافة مكسبا رئيسيا للتونسيين وأصبحت وسائل الإعلام التونسية واحدة من بين الأكثر انفتاحا في أي دولة عربية، لكن السياسيين وصحافيين والنقابات يقولون إن حرية الصحافة تواجه تهديدا خطيرا في ظل حكم سعيد، الذي وصل إلى السلطة عام 2019 عبر انتخابات حرة، غير أن قيس سعيد يرفض هذه الاتهامات، قائلا إنه "لن يصبح دكتاتورا".
هذا، وقالت الدهماني في رسالة مفتوحة للرأي العام نشرتها على صفحتها في منصة فيسبوك إنها "تعرّضت لمظلمة جديدة تجاوزت كلّ حدود المنطق وخرقت أدنى ضمانات المواطنة فضلاً عن حقوق الدفاع وشروط المحاكمة العادلة، في خطوة جديدة من مسلسل الاستهداف القضائي".
وأضافت الدهماني "بعد حملة شتم وتحريض وتخوين منظّمة على شبكات التواصل الاجتماعي فوجئت بتوجيه إعلام لفرع تونس للمحامين بفتح تتبّع تحقيقي في حقّي على خلفيَة تصريح تلفزيوني أكّدت فيه أنّ تونس ليست جاذبة للهجرة غير النّظاميّة بغية التّوطين، بل لمجرّد العبور نحو السّواحل الأوروبّيّة"، وقالت إنه "في إجراء غير معتاد يعكس إرادة في التّشفّي والتّنكيل تمّ الرّدّ على طلب هيئة دفاعي بتأخير النّظر في الملفّ بإصدار بطاقة جلب في حقّي وإدراجي بالتّفتيش".
وعبرت جمعيات وشخصيات كثيرة عن تضامنها مع الدهماني، واستنكرت الديناميكية النسوية (تضمّ عدداً من المنظمات الحقوقية النسوية) "الإيقافات التي تستهدف النساء الناشطات في المجالات الحقوقية والسياسية"، وأدانت الديناميكية النسوية، في بيان أمس الجمعة، "التتبعات بمقتضى المرسوم القمعي عدد 54″، معبرة عن تضامنها ومساندتها للمحامية سنية الدهماني "بعد تصريحها الإذاعي وإصدار بطاقة جلب ضدها".