بعدما قرر الملك محمد السادس ورئيس جمهورية جنوب أفريقيا، جاكوب زوما، على هامش أشغال القمة الافريقية الأوربية في أبيدجان، الرقي بإطار التمثيلية الدبلوماسية بين البلدين من خلال تعيين سفيرين من مستوى عال، بكل من الرباط وبريتوريا. ويشكل المغرب وجنوب أفريقيا قطبان سياسيان هامان في القارة الافريقية التي إذ يمثل المغرب معسكر المستعمرات الفرنسية السابقة فيما جنوب افريقيا تقود معسكر المستعمرات الانجليزية.
واختلفت على مدى عقود سياسات البلدين الخارجية تجاه دول القارة، لكنها لم تكن أكثر حدة إلا في حدود بداية القرن الواحد والعشرين، حين استشعرت بلاد نيلسون مانديلا خطر المغرب الصاعد اقتصاديا والذي أبان على قدرته التنافسية والفوز بصفقات بالملايير في بلدان إفريقية مختلفة.
تواصل الزحف الاقتصادي المغربي بقيادة الملك محمد السادس، إلى أن بلغ عمق إفريقيا وصار يهدد عرش جنوب افريقيا التي يعد اقتصادها الأقوى قاريا بفضل مواردها الطبيعية الكبيرة.
جنوب افريقيا حاولت الضغط بالورقة السياسية عبر تكثيف دعمها للبوليساريو ومعاداة الوحدة الترابية للمملكة، لكن استفزازاتها صدمت بردود أفعال مغربية متأنية ورزينة فضحت حماقاتها أمام المجتمع الدولي.
اليوم يبدو أن جاكوب زوما يحاول التقرب من المغرب وتفادي عزلة إفريقية بعدما اتضح أن الملك تمكن من حصد إجماع أغلب الدول الافريقية على أهمية المغرب السياسية والاقتصادية، ورسم لقادتها صورة واضحة عن المملكة التي لا تعادي أحدا ولا تتدخل في شؤون غيرها.
والتقرب من المغرب قد يتجاوز التمثيلية الديبلوماسية إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، عملا بالمبدأ الذي يقول "ابق عدوك قريبا منك"، وهو ما يعني تخلي جنوب افريقيا عن بعض مواقفها خاصة منها دعم جبهة البوليساريو الانفصالية.
في حال تمكن المغرب من لعب أوراق الضغط بالشكل الصحيح، فإن جاكوب زوما سيغير بالتدريج من سياسيات بلاده الخارجية ليتحول من الضفة الجزائرية إلى المغربية، وسيفضي ذلك إلى عزل البولسياريو والجزائر سيتبقى لهم حلفاء بعيدون جغرافيا مثل كوبا المنهكة وفنزويلا المضطربة.