كما كان منتظرا، تمت المصادقة على تولي موريتانيا الرئاسة الدورية للاتحاد الإفريقي، نهاية الأسبوع الماضي، مستفيدة في ذلك من الدعم الكامل لدول شمال إفريقيا، وعلى رأسها المملكة المغربية، التي أعلنت دعم ترشيح الرباطلنواكشوط، "بتعليمات من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، انطلاقا من علاقات الجوار، والعلاقات الثنائية القوية التي تربط المملكة المغربية وموريتانيا".
وعلى أعقاب هذا الانتخاب، قال ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، "إن رئاسة موريتانيا للاتحاد الإفريقي هي رئاسة مستحقة بالنظر إلى دورها، ودور فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، كعنصر استقرار في المنطقة وكفاعل إيجابي حول مجموعة من القضايا التي تعرفها القارة الإفريقية"، مؤكدا أن الرئيس الموريتاني "يعرف أن بإمكانه الاعتماد على دعم المغرب، بتعليمات من جلالة الملك، حتى تكون هذه الرئاسة ناجحة".
انتخاب موريتانيا على رأس المنظمة الإفريقية، والدعم المغربي اللامشروط لنواكشوط في هذا الاستحقاق يثير مجموعة من الأسئلة حول مدى انعكاس ذلك على مصالح المغرب داخل الاتحاد الإفريقي وعلى العلاقات مع الجارة الجنوبية، في الوقت الذي يرأس فيه المغرب مجلس الأمن والسلم، باعتباره أهم الأجهزة داخل هذا الاتحاد القاري.
تفاعلا مع ذلك، قال حسن بلوان، الخبير في العلاقات الدولية، إن المملكة المغربية ستجني مجموعة من الثمار بدعمها قرار ترشيح موريتانيا، على اعتبار العلاقات الطيبة والاستراتيجية التي تجمع بين البلدين، وكذلك بالنظر إلى المصالح المشتركة السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية التي تجمع المغرب وموريتانيا.
واعتبر بلوان في تصريح ل"الأيام24″ أن مناورات خصوم الوحدة الترابية خاصة الجزائر وصنيعتها البوليساريو لن تتوقف خلال هذه الولاية التي ترأس فيها موريتانيا الاتحاد الإفريقي، مردفا أنه رغم ذلك فالمجتمع الموريتاني والنخبة الموريتانية كما السلطة في نواكشوط تدرك بأن مصالحها الاستراتيجية هي مع المغرب.
وأشار المتحدث إلى أن موريتانيا تحافظ دائما على التوازن مخافة أي مغامرة يمكن أن يضمرها النظام العسكري الحاكم في قصر المورادية ضدها، والمغرب يتفهم لغة التوازن التي تقوم بها موريتانيا، مشيرا إلى أن "هذا لا يؤثر بشكل أو بآخر على العلاقات الكبيرة والاستراتيجية التي تجمع الرباطونواكشوط".
وحول سياق هذا الانتخاب، أوضح بلوان أن "رئاسة موريتانيا للاتحاد الافريقي تأتي في ظل مجموعة من التغيرات الجيو ستراتيجية التي تعرفها المنطقة بدخول لاعبين جدد وتواري نفوذ قوى استعمارية تقليدية كفرنسا. كما تأتي في ظل التقارب الكبير والاستراتيجي بين المملكة المغربية ومجموعة من الدول الافريقية في الغرب الإفريقي وفي الشرق، مما سيفتح الباب أمام إعادة تموقع المملكة المغربية داخل القارة الإفريقية خاصة إذا تعلق الأمر بقضيتها الأساسية، قضية الصحراء المغربية".
ويرى الخبير في العلاقات الدولية، أن "موريتانيا ستحاول الحفاظ على التوازن بين الجزائر والمغرب، وفي نفس الوقت ستثمن علاقاتها الاستراتيجية مع الرباط باعتمادها على الدعم الكامل للمملكة المغربية في إنجاح هذه الولاية كما جاء على لسان وزير الخارجية وممثل جلالة الملك في القمة الإفريقية".
مبادرة الأطلسي والقضية الوطنية
من جهته، اعتبر محمد الغالي، أستاذ العلوم السياسية جامعة القاضي عياض بمراكش، أن دعم المملكة المغربية لترشح موريتانيا لرئاسة الإتحاد الإفريقي نقطة جد إيجابية في العلاقة بين البلدين وعلى مستوى العلاقات الجيوسياسية في شمال وغرب إفريقيا، على اعتبار أن المملكة المغربية هي بصدد أخذ مبادرات مهمة وأساسية فيها صالح مجموعة من الدول خاصة مبادرة طريق الأطلسي، التي ستعطي فرصة لكل من مالي وبوركينافاسو والنيجر وتشاد لكي يكون لها ممر على الواجهة الأطلسية.
وأضاف الغالي في حديث ل"الأيام24″ أن موريتانيا هي من الدول المجاورة والمطلة على الأطلسي، وهذا من دون شك سيساعد على حسن إدارة وتدبير هاته المبادرة وإعطائها الزخم الكبير الذي تستحقه.
وتابع المتحدث: "كما أن دعم المملكة المغربية لنواكشوط في هذا الاستحقاق أمام منافسين ليسوا بالهينين، يعطي فرصة للقيادة في موريتانيا من أجل الاعتماد على المغرب كحليف أساسي واستراتيجي وكمدعم كبير للمبادرات التي يمكن أن تقوم بها موريتانيا سواء على المدى القصير أو المتوسط أو البعيد.
وأشار المتحدث إلى أن رئاسة موريتانيا للاتحاد الإفريقي ومن خلال هذا التقارب المهم، ستساعد على إدارة وتدبير مجموعة من الأزمات على مستوى القارة الإفريقية، ويمكن كذلك أن تساعد في إدارة وتدبير المشاكل التي يعاني منها شمال وغرب إفريقيا وخاصة ما تعلق منها بقضية الوحدة الترابية للمملكة، بالإضافة إلى ترسيخ دعم الاتحاد الإفريقي لجهود ومجهودات مجلس الأمن والأمم المتحدة في هذا الباب.